روى أن النصارى عظمت فيهم الخطايا، وطغت ملوكهم حتى عبدوا الأصنام، وأكرهوا الناس على عبادتها، وأصدر (الملك دقيانوس) الأوامر المشدّدة فى ذلك، ومعاقبة من يخالفه، وأراد أن يلزم فتية من أشراف قومه عبادتها، وتوعدهم بالقتل، فأبوا إلا الثبات على دينهم، فنزع ثيابهم وحليهم، ولكنه رحم شبابهم فأمهلهم لعلهم يثوبون إلى رشدهم، وهكذا ذهب الملك إلى مدن أخرى ليحثّ أهلها على عبادتها، وإلا قتلوا.
أما الفتية فإنهم انطلقوا إلى كهف قريب من مدينتهم (أفسوس أوطرسوس) فى جبل يدعى (نيخايوس) وأخذوا يعبدون الله فيه حتى إذا هجم عليهم دقيانوس وقتلهم ماتوا طائعين، وقد كانوا سبعة، فلما مروا فى الطريق إلى الكهف تبعهم راع ومعه كلبه، فجلسوا هناك يعبدون الله، وكان من بينهم امرؤ يدعى (تمليخا) يبتاع لهم طعامهم وشرابهم، ويبلغهم أخبار دقيانوس الذي لا يزال مجدّا فى طلبهم، حتى إذا عاد من مطافه، ووصل إلى مدينتهم، بحث عن هؤلاء العبّاد والنساك ليذبحهم أو يسجدوا للأصنام، فسمع بذلك تمليخا بينما كان يشترى لهم الطعام خفية فأخبرهم فبكوا، ثم ضرب الله على آذانهم فناموا، وتذكّرهم دقيانوس، فهدّد آباءهم إن لم يحضروهم، فدلّوه عليهم، وقالوا إنهم فى الكهف، فتوجه إليهم وسدّه عليهم ليموتوا هناك وينتهى الأمر على ذلك.
وقد كان فى حاشية الملك رجلان يكتمان إيمانهما وهما بيدروس، وروناس، فكتبا قصة هؤلاء الفتية سرا فى لوحين من حجر وجعلاهما فى تابوت من نحاس، وجعلا التابوت فى البنيان ليكون ذلك عظة وذكرى لمن سيجيئ من بعد.
ثم مضت قرون يتلو بعضها بعضا، ولم يبق لدقيانوس ذكر ولا أثر.
وبعدئذ ملك البلاد ملك صالح يسمى بيدروس دام ملكه ٦٨ سنة، وانقسم