(وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ) أي إن سنتنا فى هذا الرسول كسنتنا فى الرسل قبله، فما نرسلهم إلا ليطاعوا بإذن الله، فمن خرج عن طاعتهم أو رغب عن حكمهم، خرج عن حكمنا وسنتنا وارتكب أكبر الآثام.
وجىء بقوله: بإذن الله، لبيان أن الطاعة الذاتية لا تكون إلا لله رب العالمين، لكنه قد أمر أن تطاع رسله فطاعتهم واجبة بإذنه وإيجابه.
(وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً) أي ولو أن أولئك القوم حين ظلموا أنفسهم ورغبوا عن حكمك إلى حكم الطاغوت- جاءوك فاستغفروا الله من ذنبهم وندموا على ما فرط منهم وتابوا توبة نصوحا ودعا لهم الرسول بالمغفرة، لتقبل الله توبتهم وغمرهم بإحسانه، فرحمته وسعت كل شىء.
وإنما قرن استغفار الرسول باستغفار الله، لأن ذنبهم لم يكن ظلما لأنفسهم فحسب بل تعدى إلى إيذاء الرسول من حيث إنهم أعرضوا عن حكمه وهو صاحب الحق فى الحكم وحده، فكان لا بد فى توبتهم وندمهم على ما فرط منهم أن يظهروا ذلك للرسول ليصفح عنهم، لأنهم اعتدوا على حقه، وليدعو لهم بالمغفرة، إذ أعرضوا عن حكمه.
وفى الآية إيماء إلى أن التوبة الصحيحة تقبل حتما إذا استكملت شرائطها، ومنها أن تكون عقب الذنب مباشرة، وقد سمى الله ترك طاعة الرسول ظلما للأنفس، أي إفسادا لها، لأن الرسول هو الهادي إلى مصالح الناس فى الدنيا والأخرى، وهذا الظلم شامل للاعتداء والبغي والتحاكم إلى الطاغوت وغير ذلك.
والاستغفار لا يكون مقبولا إلا إذا ناجى العبد ربه عازما على اجتناب الذنب وعدم العودة إليه مع الصدق والإخلاص لله فى ذلك- أما الاستغفار باللسان عقب