الدابة: لفظ غلب استعماله فى ذوات الأربع، وأصله كل مادب على وجه الأرض، وهو المراد هنا، عند الله: أي فى حكمه وعلمه، والذين عاهدت منهم: هم طوائف من يهود المدينة. وثقفه: أدركه وظفر به، فشرد بهم: أي نكّل بهم تنكيلا يشرّد غيرهم من ناقضى العهد، من خلفهم: هم كفار مكة وأعوانهم من مشركى القبائل الموالية لهم، والنبذ: الطرح، على سواء: أي على طريق واضح لاخداع فيه ولا خيانة ولا ظلم، سبقوا: أي أفلتوا من الظفر بهم، لا يعجزون: أي لا يجدون الله عاجزا عن إدراكهم، بل سيجزيهم على كفرهم.
[المعنى الجملي]
بعد أن بين حال مشركى قريش فى قتالهم له ببدر- قفّى على ذلك بذكر حال فريق آخر من الكفار الذين عادوا النبي صلى الله عليه وسلم وقاتلوه وهم اليهود الذين كانوا فى بلاد الحجاز.
قال سعيد بن جبير: نزلت هذه الآيات فى ستة رهط من اليهود منهم ابن تابوت، وقال مجاهد: نزلت فى يهود المدينة وكان زعيمهم الطاغوت كعب بن الأشرف، وهو فيهم كأبى جهل فى مشركى مكة. ثم ذكر سبحانه ما يجب أن يعمل مع أمثالهم من الخونة، وبين أن الرسول آمن من عاقبة كيدهم ومكرهم.