بعد أن أمر سبحانه بالعدل والإحسان إلى اليتامى والمساكين، بين أنه ما أمر بهذه الأشياء لاحتياجه إلى أعمال العباد، لأن كل ما فى السموات والأرض ملكه فهو مستغن عنهم وقادر على إثابتهم على طاعته فيما شرعه لخيرهم ومصلحتهم، بل ليزدادوا بتدبرها إيمانا يحملهم على العمل بها والوقوف عند حدودها.
[الإيضاح]
(وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) خلقا وملكا، فهو وحده مدبر الأكوان، فلا يتعذر عليه الإغناء بعد الفقر ولا الإيناس بعد الوحشة إلى نحو هذا مما ينبىء بعظيم القدرة وكمال الجود والإحسان.
(وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ) أي ولقد أمرنا من قبلكم من اليهود والنصارى وغيرهم من سالف الأمم كما أمرناكم بتقوى الله فى إقامة سننه وإقامة شريعته، فبالأولى ترقى معارفكم، وبالثانية تزكو نفوسكم وتنتظم مصالحكم الدينية والدنيوية.
(وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) أي وإن تكفروا أنعم الله وتجحدوا فضله وإحسانه فاعلموا أنه سبحانه مالك الملك والملكوت لا يضره كفركم ومعاصيكم كما لا ينفعه شكركم وتقواكم، وقد وصاكم وإياهم بهما لرحمته لا لحاجته.
ثم زاد ما سلف توكيدا فقال:
(وَكانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيداً) أي وكان الله غنيا عن كل شىء بذاته. محمودا بذاته