روى في أسباب النزول عن ابن عباس، أن ابن الجموح- وكان شيخا كبيرا وله مال عظيم- سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا رسول الله، بماذا نتصدق وعلى من ننفق؟ فنزلت الآية.
وروى أحمد والنسائي عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تصدّقوا فقال رجل: عندى دينار، قال: تصدّق به على نفسك، قال: عندى دينار آخر، قال:
تصدق به على زوجتك، قال: عندى دينار آخر، قال: تصدق به على ولدك، قال:
عندى دينار آخر، قال: تصدق به على خادمك، قال: عندي دينار آخر، قال: أنت أبصر به.
[الإيضاح]
(يسئلونك ماذا ينفقون) أي أىّ شىء يتصدقون به من أصناف أموالهم؟
(قُلْ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) أي قل لهم: على المنفق أن يقدم الوالدين لأنهما قد ربياه صغيرا وتعبا في تنشئته، ثم الأولاد وأولادهم، ثم الإخوة لأنهم أولى الناس بعطفه ورعايته، ولأنه إذا تركهم يحتاجون إلى غيره كان في ذلك عار وشنار عليه، ثم اليتامى لعدم قدرتهم على الكسب لصغر سنهم، ثم المساكين وأبناء السبيل للتكافل العام بين المسلمين، فهم أعضاء أسرة واحدة فيجب أن يتعاونوا في السرّاء والضرّاء.
وقد جاءت الآية في بيان نفقة التطوع لا في الزكاة المفروضة، لأنها لم تعين مقدار المنفق، والزكاة الشرعية معينة المقدار بالإجماع، ولم يذكر سبحانه السائلين والرقاب لذكرهما في مواضع أخرى.
(وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ) أي وما تنفقوه في وجوه البرّ والطاعة في أي زمان وأىّ مكان على الأصناف المذكورة أو غيرها، فالله عليم به لا يغيب عنه شىء، فلا ينسى المثوبة والجزاء عليه، بل يضاعف عليه الجزاء.