للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتربص: الانتظار، والقروء: واحدها قرء (بضم القاف وفتحها) يطلق تارة على حيض المرأة وأخرى على طهرها، ومن ثم قال الحنفية والحنابلة المراد به الحيض، وقال المالكية. والشافعية المراد به الطهر، وما في أرحامهنّ يشمل الولد والحيض والبعولة واحدهم بعل وهو الزوج، والمراد بالدرجة هنا ما جاء في قوله: «الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ» .

[المعنى الجملي]

بعد أن ذكر سبحانه في الآية السابقة أن المولى إما أن يفىء ويرجع إلى معاشرة زوجه، وإما أن يعقد العزم على الطلاق بترك القربان- ناسب أن يذكر بعدئذ شيئا من أحكام الطلاق ليكون كالتتمة لما سبق.

[الإيضاح]

(وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) أي وحرائر النساء اللاتي يطلقن وهنّ من ذوات الحيض، فلسن يائسات انقطع عنهنّ الحيض، ولا صغيرات لم يصلن إلى سن الحيض- ينتظرن ثلاث حيض بعد الطلاق حتى يتزوّجن، ليظهر أنهنّ غير حوامل.

وفي قوله بأنفسهنّ إشارة إلى أنه يجب عليهنّ أن يملكن رغبتهنّ في الزواج.

ويكبتن جماح شهواتهنّ إلى إتمام تلك المدة وإلى أن هذه الرغبة مما تنطوى عليها نفوس النساء، وإلى أنهنّ يستطعن امتلاكها والتربص اختيارا.

إلى ما في هذا من التعظيم والتبجيل لهنّ إذ لم يؤمرن بذلك أمرا صريحا.

ثم بين سبحانه حكمة هذا التربص بالزواج ضمن حكم آخر فقال:

(وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحامِهِنَّ) أي ولا يحل للنساء أن يكتمن ما خلق الله في الأرحام من ولد إذا علمن به، أو حيض ليطلن عدتهنّ، وقد فشا ذلك الآن في المطلقات اللاتي لا يجدن الأزواج، لأن القضاة يفرضون لهنّ النفقة ما دمن في العدة، فهنّ يكتمن الحيض جهد المستطاع استدامة لهذه النفقة،

<<  <  ج: ص:  >  >>