للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك جمع كلمة المهاجرين والأنصار على ما يدل به كل منهما بميزة لا تتوافر لسواه فالمهاجرون لهم مزية القرب من الرسول والسبق إلى الإيمان، والأنصار لهم ميزة المال والقوة وإنقاذ الرسول وقومه من ظلم مشركى مكة وإيواؤهم ومشاركتهم لهم فى أموالهم، فكل هذا من عوامل التحاسد والتنازع لولا فضل الله وعنايته، ومن ثم قال:

(وَلكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ) إذ هداهم إلى الإيمان الذي دعوتهم إليه فتآلفت قلوبهم.

ونحو الآية قوله: «إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ» .

وقد دلت التجارب على أن التآلف من أقوى وسائل التعاون وأنجعها، وأجدى وسائل التحاب والتآلف قوة الإيمان، ومن ثم قال ابن عباس رضى الله عنهما: إن الرحم لتقطع، وإن النعمة لتكفر، وإن الله إذا قارب بين القلوب لم يزحزحها شىء، ثم قرأ: «لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ما أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ» الآية (إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) أي إنه تعالى الغالب على أمره الذي لا يغلبه خداع الخادعين ولا كيد الماكرين، الحكيم فى أفعاله، فينصر الحق على الباطل، ويفضّل الجنوح للسلم إذا جنح إليها العدو على الحرب.

[سورة الأنفال (٨) : الآيات ٦٤ الى ٦٦]

يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٦٤) يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ (٦٥) الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (٦٦)

<<  <  ج: ص:  >  >>