للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً) أي وفضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين من غير أولى الضرر أجرا عظيما.

ثم بين هذا الأجر العظيم فقال:

(دَرَجاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً) هذه الدرجات هى ما ادخره الله لعباده من المنازل الرفيعة التي يقصر الحصر عن عدها كما قال تعالى «انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ، وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا» ودرجات الآخرة مبنية على درجات الدنيا من قوة الإيمان بالله، وإيثار رضاه على الراحة والنعيم، وترجيح المصلحا العامة على الشهوات الخاصة.

والمغفرة المقرونة بهذه الدرجات هى المغفرة لما يفرط منهم من الذنوب التي لا تكفّرها سائر الحسنات التي يأتى بها القاعدون.

والرحمة هى ما يخصهم به الرحمن زيادة على ذلك من فضله وإحسانه، وقد صح من

حديث أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رجع من غزوة تبوك ودنا من المدينة قال «إن فى المدينة لأقواما ما سرتم من مسير ولا قطعتم من واد إلا كانوا معكم فيه، قالوا يا رسول الله وهم بالمدينة؟ قال نعم وهم بالمدينة حبسهم العذر» .

(وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) أي وكان شأن الله وصفته الغفران لمن يستحق المغفرة، والرحمة لمن يؤتميه ذلك تفضلا منه وإحسانا.

[سورة النساء (٤) : الآيات ٩٧ الى ١٠٠]

إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ قالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها فَأُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَساءَتْ مَصِيراً (٩٧) إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً (٩٨) فَأُولئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُوراً (٩٩) وَمَنْ يُهاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَماً كَثِيراً وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (١٠٠)

<<  <  ج: ص:  >  >>