للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قدرته عليك إذا أنت غفلت عن ذلك، ومن غفل عن ذكره تعالى مرض قلبه، وضعف إيمانه، واستحوذ عليه الشيطان فأنساه نفسه.

ثم ختم سبحانه هذه الآيات بما يؤكد به الأمر والنهى السابقين فقال:

(إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ) أي إن ملائكة الرحمن المقرّبين عنده لا يستكبرون عن عبادته كما يستكبر عنها هؤلاء المشركون، وينزهونه عن كل ما لا يليق بعظمته وكبريائه وجلاله، وعن اتخاذ الندّ والشريك كما يفعل الذين اتخذوا من دون الله شفعاء وأندادا يحبونهم كحبه، وله وحده يصلون ويسجدون، فلا يشركون معه أحدا، فالواجب على كل مؤمن أن يجعل خواص الملائكة والمقربين إليه تعالى من حملة عرشه والحافّين به أسوة حسنة له فى صلاته وسجوده وسائر عبادته.

وقد شرع الله لنا السجود عند تلاوة هذه الآية أو سماعها، إرغاما لمن أبي ذلك من المشركين، واقتداء بالملائكة المقربين، ومثلها آيات أخرى ستأتى فى مواضعها،

وقد كان صلى الله عليه وسلم يقول فى سجوده لذلك: «اللهم لك سجد سوادى، وبك آمن فؤادى، اللهم ارزقني علما ينفعنى، وعملا يرفعنى» .

وفى الآية إرشاد إلى أن الأفضل إخفاء الذكر،

وقد روى أحمد قوله صلى الله عليه وسلم: «خير الذكر الخفي»

فأين هذا مما يفعله جهلة زماننا الذين يجأرون فى ذكرهم بأصوات منكرة يستقبحها الدين والعقل والعرف، ولا علاج لمثل هذا إلا حملة نكراء من رجال الدين عليهم حتى يتفهموا ما طلبه الدين وما رمى إليه من التضرع إليه تعالى خفية ودون الجهر بالقول. وصل الله على سيدنا محمد النبي الأمى وعلى آله وصحبه وسلم.

[خلاصة ما اشتملت عليه السورة من الأغراض والمقاصد]

يمكن إجمال القول فى الأغراض التي اشتملت عليها هذه السورة الكريمة فيما يلى:

(١) التوحيد: وهو يتضمن دعاء الله وحده وإخلاص الدين له وتخصيصه بالعبادة، فإنه شارع الدين فيجب اتباع ما أنزله ولا يجوز اتباع الأولياء من دونه

<<  <  ج: ص:  >  >>