(قالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ؟) أي قال الملك المأمور بسؤالهم: كم لبثتم فى الأرض أحياء؟.
(قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ) فقد نسى هؤلاء الأشقياء مدة لبثهم فى الدنيا، لعظيم ما هم فيه من البلاء والعذاب، وقصّر عندهم الأمد الذي مكثوه فيها، ما حل بهم من نقمة الله، حتى حسبوا أنهم لم يمكثوا إلا يوما أو بعض يوم، ولعل بعضهم يكون قد أقام بها الزمان الطويل والسنين الكثيرة.
(فَسْئَلِ الْعادِّينَ) أي فاسأل الحفظة العارفين لأعمال العباد وأعمارهم كما روى ذلك جماعة عن مجاهد.
(قالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) أي قال لهم الملك: ما لبثتم إلا زمنا يسيرا، ولو كنتم تعلمون شيئا من العلم لعملتم على مقتضى ذلك، ولما صدر منكم ما أوجب خلودكم فى النار، ولما قلنا لكم «اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ» .
روى مرفوعا «إن الله تعالى إذا أدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار قال:
يا أهل الجنة كم لبثتم فى الأرض عدد سنين؟ قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم، قال: لنعم ما أنجزتم فى يوم أو بعض يوم رحمتى ورضوانى وجنتى، امكثوا فيها خالدين مخلدين، ثم يقول يا أهل النار. كم لبثتم فى الأرض عدد سنين؟ قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم، فيقول بئسما أنجزتم فى يوم أو بعض يوم نارى وسخطى، امكثوا فيها خالدين مخلدين»
: ثم زاد فى توبيخهم على تماديهم فى الغفلة وتركهم النظر الصحيح فيما يرشد إلى حقية البعث والقيامة فقال:
(أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ) أي أظننتم أيها الأشقياء أنا إنما خلقناكم إذ خلقناكم لعبا وباطلا؟ كلا، بل خلقناكم لنهذبكم ونعلمكم، لترتقوا إلى عالم أرقى مما أنتم فيه، لا كما ظننتم أنكم لا ترجعون إلينا للحساب والجزاء.