للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القرآن كانوا كالصم، وإذا أريتهم معجزاتك كانوا كالعمى، وإنما كانوا كذلك لضلالهم المبين ثم سلى رسوله وبين له أنه لا بد أن ينتقم منهم إما حال حياته أو بعد موته، ثم أمره أن يستمسك بما أمره الله به، فيعمل بموجبه فإنه الصراط المستقيم النافع فى الدين والدنيا وفيه الشرف العظيم له ولقومه، وسوف يسألون عما قاموا به من التكاليف التي أمرهم بها، ثم أرشد إلى أن بغض الأصنام وبغض عبادتها جاء على لسان كل نبى، فمحمد صلّى الله عليه وسلّم ليس بدعا من بينهم فى الإنكار عليها حتى يعارض ويبغض.

[الإيضاح]

(وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ) أي ومن يتعام عن ذكر الله وينهمك فى لذات الدنيا وشهواتها نسلط عليه شياطين الإنس والجن يزينون له أن يرتع فى الشهوات، ويلغ فى اللذات، فلا يألوا جهدا فى ارتكاب الآثام والمحرمات على ما جرت به سنتنا الكونية، كما نسلط الذباب على الأجسام القذرة ونخلق الحيات والعقارب والحشرات فى المحال العفنة، لتلطف الجو وترحم الناس والحيوان، وهكذا النفوس الموسوسة للضعفاء توقعهم فى الذنوب لاستعدادهم لها، فينالون جزاءهم من عقاب الله وعقوبات البشر واحتقارهم لهم، إلى ما ينالهم من الأمراض الفتاكة والأدواء التي لا يجدى فيها علاج، فيكون ذلك عبرة لهم ولغيرهم وأنى لهم أن تنفعهم تلك الذكرى فقد فات الأوان، ولا ينفع الندم على فائت:

ندم البغاة ولات ساعة مندم ... والبغي مرتع مبتغيه وخيم

قال الزجاج: معنى الآية- إن من أعرض عن القرآن وما فيه من الحكم إلى أباطيل المضلين- يعاقبه الله بشيطان يقيضه له حتى يضله، ويلازمه قرينا له فلا يهتدى، مجازاة له حين آثر الباطل على الحق المبين اه.

<<  <  ج: ص:  >  >>