لك فلوّى رأسه وقال: أمرتمونى أن أومن فآمنت، وأمر تمونى أن أزكّي فزكيت، وما بقي إلا أن أسجد لمحمد، ولم يلبث إلا أياما حتى اشتكى ومات.
[الإيضاح]
(وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ) أي وإذا قيل لجماعة المنافقين كعبد الله بن أبىّ: هلموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يطلب لكم من ربكم غفران ذنوبكم، صدوا وأعرضوا، استكبارا وعتوّا.
قال الكلبي: لما نزل القرآن بصفة المنافقين مشى إليهم عشائرهم من المؤمنين وقالوا لهم: ويلكم افتضحتم بالنفاق، وأهلكتم أنفسكم، فائتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوبوا إليه من النفاق، واسألوه أن يغفر لكم، فأبوا ذلك وزهدوا فى الاستغفار فنزلت الآية.
وقال ابن عباس: لما رجع عبد الله بن أبىّ من أحد بكثير من الناس مقته المسلمون وعنّفوه وأسمعوه ما يكره فقال له بنو أبيه: لو أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يستغفر لك ويرضى عنك، قال: لا أذهب إليه ولا أريد أن يستغفر لى، وجعل يلوّى رأسه فنزلت:
ثم أيأسهم من جدوى الاستغفار لهم فقال:
(سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ، لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ) أي الاستغفار لهم وعدمه سيان لا يجديانهم نفعا، لأن الله قد كتب عليهم الشقاء بما كسبت أيديهم، وبما اجترحت من الفسوق والآثام، وبما ران على قلوبهم من الجحود والطغيان ثم علل ذلك بقوله:
(إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ) أي إن الله لا يهدى من أحاطت به خطيئته فلم تجد الهداية إلى قلبه سبيلا تسلكه، ولا المواعظ والنصائح متسعا فى فؤاده،