الإنذار: التخويف، وأصل السعى: الإسراع فى المشي، ثم استعمل فى الإصلاح والإفساد، يقال سعى فى أمر فلان: إذا أصلحه أو أفسده بسعيه فيه، معاجزين: أي مسابقين المؤمنين ومعارضين لهم، فكلما طلبوا إظهار الحق طلب هؤلاء إبطاله، وأصله من قولهم: عاجزه فأعجزه، إذا سابقه فسبقه.
[المعنى الجملي]
لما ذكر سبحانه أن المشركين كذبوا رسوله وبالغوا فى تكذيبه وسلّاه على ذلك بأنك لست ببدع فى الرسل، فكثير ممن قبلك منهم قد كذّبوا وأوذوا فلا تبتئس بما يفعلون، واصبر على ما تدعو إليه ولا يضيرنّك ما يأتون وما يذرون- قفى على ذلك ببيان أنهم لاستهزائهم به وشديد تكذيبهم كانوا يستعجلونه العذاب كما قال تعالى حكاية عنهم:«وَإِذْ قالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ» ثم أنّبهم على إنكار ذلك العذاب وقد سبق وعد الله به فكان لزاما عليهم ألا يستعجلوه، فإنهم لو عرفوا ما ينالهم من آلامه وشدائده ما طلبوا استعجاله، فيوم عند ربك تصيبهم فيه المحن والشدائد كألف سنة لو بقوا وعذبوا فى الدنيا، ثم ذكّرهم بأن كثيرا من القرى الظالمة أمهلت ولم تعذب، لعلها ترعوى عن غيّها ثم أخذت أخذ عزيز مقتدر، وحسابها مدّخر ليوم تشخص فيه الأبصار، ثم أبان أن وظيفة الرسول إنما هى الإنذار والتحذير وليس عليهم من حسابهم