للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الإيضاح]

(وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) أي وأتوا بالحج والعمرة تامين كاملين، ظاهرا بأداء المناسك على وجهها، وباطنا بالإخلاص لله تعالى دون قصد الكسب والتجارة أو الرياء والسمعة.

والتجارة لا تنافى الإخلاص إذا لم تقصد لذاتها بدليل قوله تعالى: «لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ» والرياء والسمعة إذا كانا هما الباعث على الحج، فالحج ذنب للمرائي لا طاعة، وهكذا حكم من يحج ليقال له (الحاج فلان) أو ليحتفل بقدومه، أو يقترض بالربا أو يرتكب أكبر ضروب المنكر ليحج، أو لا تخطر على باله مناسك الحج وأركانه، وإنما يقصد زيارة النبي صلى الله عليه وسلم ولا يعرف من الحج إلا هذه الزيارة.

وقد كان الحج معروفا في الجاهلية من عهد إبراهيم وإسماعيل وأقرّه الإسلام بعد أن أزال ما فيه من ضروب الشرك والمنكرات، وزاد فيه مناسك وعبادات.

وهو فريضة لقوله تعالى: «وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا» وللأحاديث الواردة في ذلك.

وأول حجة حجها المسلمون كانت سنة تسع بإمرة أبي بكر رضى الله عنه، وكانت تمهيدا لحجة النبي صلى الله عليه وسلم سنة عشر، وفيها أذّن أبو بكر بالمشركين الذين حجوا ألا يطوف بعد هذا العام مشرك، ونزلت الآية: «إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا» .

(فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) أي فإن منعتم وأنتم محرمون من إتمام النسك بسبب عدو أو مرض أو نحوهما، وأردتم أن تتحللوا فعليكم أن تذبحوا ما تيسر لكم من بدنة أو بقرة أو شاة، ثم تتحللوا.

وذبحها يكون في موضع الإحصار ولو في الحل. لأنه عليه الصلاة والسلام ذبح عام الحديبية بها وهى من الحل.

<<  <  ج: ص:  >  >>