(وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ) قد جعل الشارع أمارة الدخول في الحج أو العمرة، الإحرام بنية النسك عند الابتداء به بالتلبية ولبس غير المخيط من إزار ورداء وكشف الرأس للرجل ولبس النعلين العربيتين، وأمارة الخروج منهما (ويعبر عنه بالإحلال والتحلل) بحلق الرأس أو التقصير، فالنهي عن الحلق نهى عن الإحلال قبل بلوغ الهدى إلى المكان الذي يحل ذبحه فيه، وذلك حيث يحصر الحاج، وإلا فالكعبة لقوله تعالى «هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ» .
(فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ) أي فمن كان منكم مريضا يحتاج إلى الحلق ويؤذيه تركه، أو به أذى من رأسه من جراح أو صداع، فعليه فدية إن حلق، وهى إما صيام أو صدقة أو نسك.
وقد بيّن مقدارها ما
أخرجه البخاري من حديث كعب بن عجرة قال «وقف علىّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحديبية ورأسى يتهافت قملا، فقال: يؤذيك هوامك؟
قلت نعم، قال: فاحلق رأسك» قال فنزلت هذه الآية، وذكرها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: صم ثلاثة أيام أو تصدق بفرق بين ستة أو انسك بما تيسر» .
(فَإِذا أَمِنْتُمْ) من خوفكم من عدوكم أو برأتم من مرضكم الذي منعكم من حجكم أو عمرتكم.
(فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) أي فمن استمتع وانتفع بالتقرب إلى الله تعالى بالعمرة، إلى وقت الانتفاع بأعمال الحج، فعليه ما استيسر من الهدى أي فعليه دم نسك شكرا لله أن أتاح له الجمع بين النسكين، ويأكل منه كالأضحية ويذبح يوم النحر.
(فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ) أي فمن لم يجد الهدى لعدم وجوده أو عدم المال الذي يشترى به، فعليه صيام ثلاثة أيام في أيام الإحرام بالحج وتمتد إلى يوم النحر، وسبعة أيام إذا رجع من الحج إلى بلده، أو شرع في الرجوع فيجزئ الصوم في الطريق، ولا يتضيق الوقت إلا إذا وصل إلى وطنه.