للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بغير طريق المعجزات أتمّ وأكثر، فليس بلازم أن نجعل الامتنان في كونه معجزة لموسى عليه السلام اهـ.

ومثل هذا التأويل ليس بضائر إذا كان أربابه يثبتون صدور خوارق العادات على يد الأنبياء تأييدا من الله لهم، أما إذا أنكروها فلا حاجة إلى الكلام معهم، إذ لا بد أن نثبت لهم قدرة الله وإرادته، ثم نثبت لهم إمكان الوحى وإرسال الرسل وتأييدهم بالمعجزات.

[الإيضاح]

(وَإِذْ فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ) أي واذكروا من نعمتنا عليكم نعمة فرق البحر بكم وجعلنا لكم فيه طرقا تسلكونها حين هربكم من فرعون.

(فَأَنْجَيْناكُمْ وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) أي فأنجيناكم من الغرق وأخرجناكم إلى الشاطئ الآخر، وأغرقنا فرعون ومن معه حين عبروا وراءكم، وأنتم تشاهدون ذلك بأبصاركم ولا تشكّون في حصوله، ولولا ذلك لكان لكم وجه للريبة والشك في وقوعه، والفائدة من قوله: (وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) بيان تمام النعمة، فإن هلاك العدوّ نعمة، ومشاهدة هلاكه نعمة أخرى فيها سرور لا يقدر قدره.

(وَإِذْ واعَدْنا مُوسى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظالِمُونَ) أي واذكروا نعمة أخرى كفرتم بها وظلمتم أنفسكم، ذاك أنهم بعد أن اجتازوا البحر سألوا موسى أن يأتيهم بكتاب من ربهم، فواعده ربه أن يعطيه التوراة وضرب له ميقاتا لذلك، يقولون إنه ذو القعدة وعشر ذى الحجة، فاستبطئوه واتخذوا عجلا من ذهب، له خوار فعبدوه وظلموا أنفسهم بإشراكهم ووضعهم للشىء في غير موضعه بعبادة العجل بدل عبادة خالقهم وخالقه.

وفي ذكر هذا تعجيب من حالهم، فإن مواعدة الله موسى بإنزال التوراة إليه نعمة وفضيلة لبنى إسرائيل قابلوها بأقبح أنواع الكفر والجهل.

<<  <  ج: ص:  >  >>