وكذلك مشايخ الطرق الذين ينزلون بجماعتهم بلدا بعد آخر، ويكلفون من يستضيفونه الذبائح والشيء الكثير من الطعام، ثم لا يخرجون إلا مثقلين بالمال والهدايا، بل قد يسلبون وينهبون باسم الدين وفي معرض الكرامات، فهؤلاء الأوغاد يشبهون أنفسهم بأهل الصفة، ويزعمون أن لأكلهم أموال الناس بالباطل- أصلا في الكتاب والسنة «كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلّا كذبا» .
(وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ) فلا يخفى عليه حسن النية والإخلاص له فى العمل، ولا تحرى النفع به وإيتاؤه أحق الناس به، فهو يجازى عليه بحسب هذا.
ولا يخفى ما في هذا من الترغيب في الإنفاق، ولا سيما على مثل هؤلاء الذين تقدم ذكرهم.
بعد أن رغب سبحانه في الآيات السالفة في الإنفاق وبين فوائده للمنفقين والمنفق عليهم، وللامة التي يتعاون أفرادها ويكفل أقوياؤها ضعفاءها، وأغنياؤها فقراءها، ويقوم فيها القادرون بالمصالح العامة التي تجعل الأمة عزيزة الجانب محوطة بالكرامة فى أعين الأمم الأخرى، كما بين آداب النفقة والمستحقين لها، وأحق الناس بها إلى نحو من هذا.
بين هنا فضيلة الإنفاق في جميع الأوقات والأحوال ومضاعفة الأجر على ذلك.
[الإيضاح]
المعنى- إن الذين ينفقون أموالهم في جميع الأزمنة وفي سائر الأحوال، ولا يحجمون عن البذل إذا لاح لهم وجه الحاجة إلى ذلك، لهم ثوابهم عند ربهم