للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فى اللعنة لا يخفف عنهم من العذاب شيء ولا يقبل منهم فدية ولا تنفعهم شفاعة.

وهنا ذكر أن شارع الدين واحد لا معبود سواه، ولا ينبغى أن تكتم هدايته للبشر وهو مفيض الرحمة والإحسان، ليتذكر أولئك الذين يكتمون البينات، المؤثرون آراء رؤسائهم وأحبارهم، ثقة بهم، واعتمادا على شفاعتهم، إنهم لن يغنوا عنهم من الله شيئا وإنهم مخطئون في كتمان الحق ومعاداة أهله.

[الإيضاح]

(وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ) أي وإلهكم الحقيق بالعبادة إله واحد، فلا تشركوا به أحدا.

والشرك به ضربان:

(١) شرك في الألوهية والعبادة، بأن يعتقد المرء أن في الخلق من يشارك الله أو يعينه في أفعاله، أو يحمله على بعضها ويصدّه عن بعض، فيتوجه إليه في الدعاء عند ما يتوجه إلى الله، ويدعوه معه، أو يدعوه من دون الله، ليكشف عنه ضرا أو يجلب له نفعا.

(٢) شرك به في الربوبية، بأن يسند الخلق والتدبير إلى غيره معه، أو أخذ أحكام الدين من عبادة وتحليل وتحريم من غير كتبه ووحيه الذي بلّغه عنه الرسل، استنادا إلى أن من يؤخذ عنهم الدين، هم أعلم بمراد الله، وهذا هو المراد بقوله تعالى:

«اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ» .

فواجب علماء الدين أن يبينوا للناس ما نزله الله ولا يكتموه، لا أن يزيدوا فيه أو ينقصوا منه، كما فعل من قبلهم من أهل الكتب المنزلة، حين زادوا على الوحى أحكاما كثيرة من تلقاء أنفسهم، وخالفوا ما نزل بتأويلات وتعسفات بعيدة عن روح الدين وسرّه.

والله هو الرّحمن الرّحيم الذي وسعت رحمته كل شيء، فحسب المرء أن يرجوها

<<  <  ج: ص:  >  >>