وكان مسروق إذا حدّث عن عائشة يقول: حدثتنى الصّديقة بنت الصديق حبيبة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم المبرّأة من السماء.
[الإيضاح]
(إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ) أي إن الذين جاءوا بالكذب والبهتان جماعة منكم أيها المؤمنون تعاونوا وأجمعوا أمرهم على إعلانه وإذاعته بين الناس لمقاصد لهم أخفوها والله عليم بما يفعلون.
وفى التعبير (بعصبة) بيان أن هؤلاء شرذمة قليلون، وأنهم هم الذين ينتسرونه، لا أنهم عدد كثير من الناس.
(لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) أي لا تظنوا أن فيه فتنة وشرا، بل هو خير لكم، لاكتسابكم به الثواب العظيم، لأنه كان بلاء مبينا ومحنة ظاهرة، وإظهار كرامتكم على الله بإنزال قرآن يتلى مدى الدهر فى براءتكم وتعظيم شأنكم، وتهويل الوعيد لمن تكلم فيكم والثناء على من ظن بكم خيرا، إلى نحو ذلك من الفوائد الدينية والآداب التي لا تخفى على من تأملها.
ثم ذكر عقاب من اجترحوه- كل منهم بقدر ما خاض فيه فقال:
(لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ) أي لكل امرئ منهم جزاء ما اجترح من الإثم بقدر ما خاض فيه، فإن بعضهم تكلم، وبعضهم ضحك كالمسرور الراضي بما سمع، وبعضهم أقلّ، وبعضهم أكثر.
(وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذابٌ عَظِيمٌ) أي والذي تحمّل معظم ذلك الإثم منهم وهو عبد الله بن أبىّ (عليه اللعنة) له عذاب عظيم فى الدنيا والآخرة، أما فى الدنيا فبإظهار نفاقه على رءوس الأشهاد، وأما فى الآخرة فبعذاب لا يقدر قدره إلا العليم الحكيم.
وقد كان هو أول من اختلقه لإمعانه فى عداوة رسول الله صلّى الله عليه وسلم،