البتك: القطع، وسيف باتك: أي قاطع والتبتيك: التقطيع، والغرور: الباطل، والمحيص المهرب والمخلص، يقال: وقعوا فى حيص بيص وفى حاص باص: أي فى أمر يعسر التخلص منه.
[المعنى الجملي]
علمت فيما سلف أن قوله تعالى: إنا أنزلنا إليك إلخ نزلت فى شأن طعمة بن أبيرق سارق الدرع ورميه اليهودي بسرقته، وأن قوله: ومن يشاقق الرسول إلخ نزلت فى ارتداده عن الدين ولحوقه بالمشركين، وهنا ذكر أنه لو لم يرتد لم يكن محروما من رحمة الله ولكنه بارتداده صار بينه وبين رحمته حجاب أيما حجاب فإن كل ذنب يجوز أن يغفره الله للناس إلا ذنب الشرك، فإن صاحبه مطرود من عفوه ورحمته.
[الإيضاح]
(إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) / ١١٦ تقدم هذا النص بعينه فى غرض آخر من هذه السورة، وأعاد هنا مرة أخرى، لأنه إنما ترجى الهداية والموعظة بإبراز المعاني التي يراد إيداعها فى نفوس السامعين فى كل سياق يقصد فيه توجيها إليها وإعدادها لقبولها، ولن يتم ذلك إلا بتكرار المقاصد الأساسية من تلك المعاني حتى تتمكن فى النفوس بذلك التكرار، ومن ثم نرى رجال الدين والسياسة الذين عرفوا سنن الاجتماع وفهموا طبائع البشر وأخلاقهم يكررون فى خطبهم ومقالاتهم، أغراضهم ومقاصدهم التي ينشرونها فى الصحف والكتب، فإن الذهن إذا تكرر عليه مدح الشيء أو ذمه أثر فيه.
المعنى- أكد الله لعباده أنه لا يغفر البتة لأحد أشرك به سواه، وأنه قد يغفر لمن يشاء من المذنبين مادون الشرك من الذنوب فلا يعذبهم عليه.
ذاك أن الشرك هو منتهى فساد الأرواح وضلال العقول، فكل خير يلابسه لا يقوى على إضعاف مفاسده وآثامه والعروج بها إلى جوار ربها، إذ أنها تكون