فسق: خرج يقال فسق الرطب إذا خرج عن قشره، أفتتخذونه، الهمزة فى مثل هذا تفيد الإنكار والتعجب ممن يفعل مثل ذلك، والذرية: الأولاد وبذلك قال جمع من العلماء، منهم الضحاك والأعمش والشعبي، وقيل المراد بهم الأتباع من الشياطين، والعدو يطلق على الواحد والكثير كما قال:«فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ» وقال: «هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ» والعضد: أصله ما بين المرفق إلى الكتف، ويستعمل بمعنى المعين كاليد ونحوها وهو المراد هنا، فدعوهم. أي فاستغاثوا بهم، فلم يستجيبوا لهم: أي فلم يغيثوهم، والموبق: مكان الوبوق: أي الهلاك وهو النار يقال وبق وبوقا كوثب وثوبا: إذا هلك، مواقعوها: أي داخلوها وواقعون فيها، ومصرفا: أي مكانا ينصرفون إليه.
[المعنى الجملي]
بعد أن ذكر سبحانه رده على أولئك المشركين الذين افتخروا على فقراء المؤمنين بأموالهم وأعوانهم وقالوا كيف نجلس مع هؤلاء ونحن من أنساب شريفة وهم من أنساب وضيعة، ونحن أغنياء وهم فقراء؟ - قفّى على ذلك بذكر عصيان إبليس لأمره تعالى بالسجود لآدم، لأن الذي حداه إلى ذلك هو كبره وافتخاره عليه بأصله ونسبه إذ قال «خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ» ، فأنا أشرف منه أصلا ونسبا فكيف أسجد له؟ تنبيها إلى أن هذه الطريقة السالفة هى بعينها طريقة إبليس، ثم حذر سبحانه منها فى قوله:(أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ) وقد تكرر ذكر هذه القصة فى مواضع من الكتاب الكريم، وهى فى كل موضع سيقت لفائدة غير ما جاءت له فى المواضع الأخرى، على اختلاف أساليبها وعباراتها، ولا غرو فهى من نسج العليم الخبير.