بعد أن وصف سبحانه أهل الكتاب فيما تقدم بذميم الصفات، وقبيح الأعمال وذكر الجزاء الذي استحقوه بسوء عملهم، أعقبه ببيان أنهم ليسوا جميعا على تلك الشاكلة، بل فيهم من هو متصف بحميد الخلال وجميل الصفات.
[الإيضاح]
(لَيْسُوا سَواءً) أي ليس أهل الكتاب متساوين فى تلك الصفات القبيحة، بل منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون، وهذه الجملة كالتأ كيد لتلك.
وبعد أن وصف الفاسقين وذكر سوء أعمالهم- وصف المؤمنين ومدحهم بثمانية أوصاف كل منها منقبة ومفخرة يستحق فاعلها الثواب عليها:
١- (مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ) أي منهم جماعة مستقيمة على الحق، متبعة للعدل، لا تظلم أحدا، ولا تخالف أمر الدين، وكان من تمام الكلام أن يقال ومنهم أمة مذمومة، إلا أن العرب قد تذكر أحد الضدين وتستغنى به عن ذكر الآخر كما قال الشاعر:
دعانى إليها القلب إنى لأمرها ... مطيع فما أدرى أرشد طلابها
يريد أم غىّ.
وهذه الجملة مبينة لعدم التساوي مزيلة لإبهامه.
والمراد بهذه الأمة جماعة من اليهود أسلموا كعبد الله بن سلام وثعلبة بن سعيد وأسيد بن عبيد وأضرابهم كما رواه ابن جرير عن ابن عباس، وقال فى تفسير الآية:
الأمة القائمة أمة مهتدية قائمة على أمر الله لم تنزع عنه وتتركه كما تركه الآخرون وضيعوه.
وروى عن قتادة أنه كان يقول فى الآية: ليس كل القوم هلك، قد كان لله فيهم بقية.