والبوار، ومبنى الشرائع على العدل والإنصاف والابتعاد عن طرفى الإفراط والتفريط.
ومن أقبح العصيان الزنا، ولا سيما من النساء، لأن الفتنة بهن أكثر، والضرر منهن أخطر، لما يفضى إليه من توريث أولاد الزنا وانتسابهم إلى غير آبائهم.
[الإيضاح]
(وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ) يقال أتى الفاحشة وجاءها وغشيها إذا فعلها قال تعالى «لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيًّا» وفى التعبير عن الإقدام على الفواحش بهذه العبارات معنى دقيق وهو أن الفاعل لها ذهب إليها بنفسه واختارها بطبعه، والفاحشة الفعلة القبيحة والمراد بها هنا الزنا لزيادتها فى القبح على كثير من القبائح، وقوله من نسائكم أي من المؤمنات.
(فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ) أي اطلبوا شهادة أربعة رجال أحرار منكم.
قال الزهري «مضت السنة من رسول الله والخليفتين بعده ألا تقبل شهادة النساء فى الحدود» والحكمة فى هذا إبعاد النساء عن مواقع الفواحش والجرائم والعقاب والتعذيب رغبة فى أن يكنّ دائما غافلات عن القبائح لا يفكرن فيها ولا يخضن مع أربابها.
والخطاب للمسلمين جميعا لأنهم متكافلون فى أمورهم العامة كما تقدم مرارا، فهم الذين يختارون لأنفسهم الحكام الذين ينفذون الأحكام ويقيمون الحدود.
(فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا) التوفى الاستيفاء وهو القبض، تقول توفيت مالى على فلان واستوفيته إذا قبضته، والسبيل الطريق للخروج من الحبس بما يشرعه الله من العقوبة لهن.
والمعنى فان شهد الأربعة بفعلها فاحبسوهن فى بيوتهم وامنعوهن الخروج منها عقوبة لهن حتى لا يعدن إلى ارتكابها مرة أخرى إلى أن يمتن ويقبض أرواحهنّ الموت أو يجعل الله لهن طريقا بما يشرعه من حدّ الزنا.