(١) تمّ فى هذا الصلح ما يسمونه فى العصر الحديث (جسّ النبض) لمعرفة قوة العدو ومقدار كفايته وإلى أىّ حد هى.
(٢) معرفة صادقى الإيمان من المنافقين كما علم ذلك من المخلفين فيما يأتى.
(٣) إن اختلاط المسلمين بالمشركين حبب الإسلام إلى قلوب كثير منهم فدخلوا فى دين الله أفواجا.
مبينا: أي بيّنا ظاهر الأمر مكشوف الحال.
[المعنى الجملي]
نزلت هذه السورة الكريمة حين منصرفه صلى الله عليه وسلّم من الحديبية فى ذى القعدة من سنة ست من الهجرة، لما صدّه المشركون عن الوصول إلى المسجد الحرام وحالوا بينه وبين قضاء عمرته، ثم مالوا إلى المصالحة والمهادنة، وأن يرجع عامه هذا ثم يأتى من قابل، فأجابهم إلى ذلك على تكرّه من جماعة من الصحابة كعمر ابن الخطاب رضى الله عنه، فلما نحر هديه حيث أحصر ورجع أنزل الله تعالى هذه السورة فيما كان من أمره وأمرهم، وجعل هذا الصلح فتحا لما فيه من المصلحة، ولما آل إليه أمره فقد روى عن ابن مسعود رضى الله عنه أنه قال: إنكم تعدون الفتح فتح مكة ونحن نعدّ الفتح صلح الحديبية.
وروى البخاري «أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم كان يسير فى بعض أسفاره وعمر بن الخطاب كان يسير معه ليلا، فسأله عمر عن شىء فلم يجبه، ثم سأله فلم يجبه، ثم سأله فلم يجبه، فقال عمر: ثكلتك أمك يا عمر، كررت على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثلاث مرات، كل ذلك لا يجيبك، قال عمر: فحركت بعيري حتى تقدمت أمام الناس وخشيت أن ينزل فىّ قرآن، فما لبثت أن سمعت صارخا يصرخ بي، فقلت لقد خشيت أن يكون نزل فىّ قرآن، فجئت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فسلمت عليه فقال: لقد أنزلت علىّ سورة لهى أحب إلىّ مما طلعت عليه الشمس، ثم قرأ «إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً» .