أثناء المطر والبرق، وسببها تفريغ الكهربيّة التي في السحاب بجاذب يجذبها إلى الأرض والإحاطة بالشيء: الإحداق به من جميع جهاته، والخطف: الأخذ بسرعة. قاموا:
أي وقفوا في أماكنهم منتظرين تغير الحال ليصلوا إلى المقصد، أو يلجأوا إلى ملجأ يعصمهم من الخطر.
[المعنى الجملي]
ضرب الله مثلا آخر يشرح به حال المنافقين ويبين فظاعة أعمالهم وسوء أفعالهم، زيادة في التنكيل بهم، وهتكا لأستارهم، إذ كانوا فتنة للبشر، ومرضا في الأمم، فجعل حالهم وقد أتتهم تلك الإرشادات الإلهية النازلة من السماء فأصابهم القلق والاضطراب، واعترضتهم ظلمات الشبه والتقاليد والخوف من ذم الجماهير عند العمل بما يخالف آراءهم، ثم استبان لهم أثناء ذلك قبس من النور يلمع في أنفسهم حين يدعوهم الداعي، وتلوح لهم الآيات البينة، والحجج القيمة، فيعزمون على اتباع الحق، وتسير أفكارهم فى نوره بعض الخطى، ولكن لا يلبثون أن تعود إليهم عتمة التقليد، وظلمة الشّبهات، فتقيّد الفكر وإن لم تقف سيره، بل تعود به إلى الحيرة- كحال قوم في إحدى الفلوات نزل بهم بعد ظلام الليل صيّب من السماء، فيه رعود قاصفة، وبروق لامعة، وصواعق متساقطة، فتولاهم الدهش والرّعب، فهووا بأصابعهم إلى آذانهم كلما قصف هزيم الرعد ليسدّوا منافذ السمع، لما يحذرونه من الموت الزوام، ويخافونه من نزول الحمام، ولكن هل ينجى حذر من قدر؟ «تعددت الأسباب والموت واحد» بلى إن الله قدير أن يذهب الأسماع والأبصار التي كانت وسيلة الدهش والخوف، ولكن لحكمة غاب عنا سرها، ومصلحة لا نعرف كنهها، لم يشأ ذلك وهو الحكيم الخبير.