لا يعزب عنه ما تحت الثرى، منّ: أي أنعم وتفضل، من أنفسهم أي من جنسهم من العرب ليفقهوا كلامه، ويزكيهم أي يطهرهم من أدران الوثنية والعقائد الفاسدة، من قبل: أي من قبل بعثة الرسول، ضلال مبين: أي ضلال بيّن لا ريب فيه.
[المعنى الجملي]
بعد أن حث عز اسمه فيما سلف على الجهاد، وبين مصير المجاهد فى سبيله- أتبعه هنا بذكر أحكام الجهاد، ومن جملتها الكف عن الغلول.
روى الكلبي ومقاتل: أن هذه الآية نزلت حين ترك الرماة المركز الذي وضعهم فيه النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد طلبا للغنيمة وقالوا نخشى أن يقول النبي صلى الله عليه وسلم من أخذ شيئا من مغنم فهو له، وألا يقسم الغنائم كما لم يقسمها يوم بدر، فقال لهم عليه الصلاة والسلام: ألم أعهد إليكم ألا تتركوا المركز حتى يأتيكم أمرى؟ فقالوا تركنا بقية إخواننا وقوفا، فقال لهم: بل ظننتم أنا نغل ولا نقسم.
[الإيضاح]
(وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ) أي ما كان من شأن أىّ نبى ولا من سيرته أن يغل، لأن الله عصم أنبياءه منه، فهو لا يليق بمقامهم ولا يقع منهم، لأن النبوة أعلى المناصب الإنسانية، فصاحبها لا يرغب فيما فيه دناءة وخسة.
(وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ) أي وكل من يقع منه غلول يأتى بما غل به يوم القيامة حاملا له، ليفتضح أمره ويزيد به فى عذابه.
أخرج البخاري ومسلم عن أبى هريرة قال: «قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا، فذكر الغلول وعظمه، وعظم أمره ثم قال:
ألا لا ألفينّ أحدكم يجىء يوم القيامة على رقبته بعير له رغاء فيقول يا رسول الله أغثنى، فأقول له لا أملك لك من الله شيئا، قد أبلغتك، لا ألفينّ أحدكم يجىء