يتدبرون القرآن: أي يتصفحون ما فيه من المواعظ والزواجر حتى يقلعوا عن الوقوع فى الموبقات، ارتدوا على أدبارهم: أي رجعوا إلى ما كانوا عليه من الكفر، سوّل لهم: أي سهّل لهم وزين، وأملى لهم: أي مدّ لهم فى الأمانى والآمال، يضربون وجوههم وأدبارهم: أي يتوفونهم وهم على أهوال الأحوال وأفظعها، والأضغان: واحدها ضغن، وهو الحقد الشديد، وتضاغن القوم واضطغنوا إذا أبطنوا الأحقاد، قال:
لأريناكهم: أي لعرّفناكهم، والسيمى: العلامة، ولحن القول: أسلوبه بإمالته عن وجهه من التصريح إلى التعريض والتورية، ولنبلونّكم: أي لنختبرنّكم.
[المعنى الجملي]
بعد أن ذكر أن أولئك المنافقين أبعدهم الله عن الخير، فأصمهم فلم ينتفعوا بما سمعوا وأعمى أبصارهم فلم يستفيدوا بما أبصروا- بين أن حالهم دائرة بين أمرين: إما أنهم لا يتدبرون القرآن إذا وصل إلى قلوبهم، أو أنهم يتدبرون ولكن لا تدخل معانيه فى قلوبهم لكونها مقفلة ثم ذكر أنهم رجعوا إلى الكفر بعد أن تبين لهم الهدى بالدلائل الواضحة، والمعجزات الباهرة، وقد زين لهم الشيطان ذلك وخدعهم بباطل الأمانى، ثم بين سبب ارتدادهم وهو قولهم لبنى قريظة والنّضير من اليهود: سنطيعكم فى بعض أحوالكم وهو ما حكى عنهم فى قوله: «أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ» والله يعلم ما يصدر عنهم من كل قبيح.