للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الإيضاح]

(وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ) الشعر: ضرب من ضروب الكلام ذو وزن خاص ينتهى كل بيت منه بحرف خاص يسمى قافية، وهو يسير مع العواطف والأهواء، ولا يتبع ما يمليه العقل والمنطق الصحيح ومن ثم كان مستقر الأكاذيب والمبالغات في الأهاجى والمدائح والتفاخر والتنافر، فإذا غضب الشاعر أقذع في القول، وبالغ في الذم، وضرب بالحقيقة عرض الحائط، ولا يرى في ذلك ضيرا، وإذا هو استرضى بعد قليل رفع من هجاه إلى السمّاكين، وأدخله في زمرة العظماء الشجعان، أو الكرماء الأجواد إلى نحو هذا مما تراه في شعر الهجائين المداحين حتى لقد بلغ الأمر بهم أن قالوا:

(أعذب الشعر أكذبه) .

والقرآن الكريم آداب وأخلاق، وحكم وأحكام، وتشريع فيه سعادة البشر فى دنياهم وآخرتهم، فرادى وجماعات، فحاشى أن يكون شعرا! أو أن يمت إليه بنسب.

فالمراد من نفى تعليمه الشعر نفى أن يكون القرآن شعرا، لأن الله علمه القرآن وإذا لم يكن المعلّم شاعرا لم يكن القرآن شعرا البتة.

وهذا رد لقولهم: إن القرآن شعر، وإن محمدا شاعر، ومقصدهم بهذا أنه افتراء وتخيلات وأباطيل، وليس وحيا من عند الله.

(وَما يَنْبَغِي لَهُ) أي ولا يليق به الشعر ولا يصلح له، لأنه مبنى كما علمت على الركون إلى الأهواء تبعا لفائدة ترجى، أو شفاء للنفس من ضغائن الصدور، أو كبتا لسورة حقد أو حسد بحق أو باطل، والشرائع والأحكام تنزه عن مثل هذا.

وما اتفق له عليه الصلاة والسلام دون قصد من نحو قوله يوم حنين وهو راكب بغلته البيضاء وأبو سفيان بن الحرث آخذ بزمامها:

أنا النبي لا كذب ... أنا ابن عبد المطلب

<<  <  ج: ص:  >  >>