للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المعنى الجملي]

قد علمت مما سبق أن هذه المراجعات والمناظرات إما أن نفوّض أمر معرفتها إلى الله كما هو رأى السلف، وإما أن نلجأ فيها إلى التأويل، وأحسن طرقه أن يكون الكلام ضربا من التمثيل بإبراز المعاني المعقولة بالصور المحسوسة تقريبا للأفهام.

وبهذا القصص نعرف ما امتاز به النوع الإنسانى عن غيره من المخلوقات، وأنه مستعدّ لبلوغ الكمال العلمي إلى أقصى الغايات، دون الملائكة، ومن ثمّ كان أجدر بالخلافة منهم.

[الإيضاح]

(وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها) اسم الله هو ما به عرفناه في أذهاننا بحيث يقال إنا نؤمن بوجوده، وهو بهذا الإطلاق هو الذي يتقدس ويتبارك ويتعالى كما جاء في قوله تعالى:

(سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) - (تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ) .

أو يقال المراد من الأسماء المسميات، وعبر بها عنها للصلة الوثيقة بين الدالّ والمدلول وسرعة الانتقال من أحدهما إلى الآخر، وأيّا كان فإن العلم الحقيقي إنما هو إدراك المعلومات، أما الألفاظ الدالة عليها فهى تختلف باختلاف اللغات التي تجرى بالمواضعة والاصطلاح.

والله تعالى علم آدم الأجناس التي خلقها، وألهمه معرفة ذواتها وخواصها وصفاتها وأسمائها، ولا فارق بين أن يكون هذا العلم في آن واحد أو آنات متعددة، فالله قادر على كل شىء، وإن كان لفظ (علّم) يشعر بالتدريج كما يشهد له نظائره من نحو:

(وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ)

- (وَيُعَلِّمُهُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ) إلى نحو ذلك من الآيات التي فيها لفظ التعليم، لكن المتبادر هنا أنه كان دفعة واحدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>