للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المعنى الجملي]

بعد أن هدد المشركين بجريان سنته فيهم، بإهلاكهم كما أهلك المكذبين من قبلهم- نبههم إلى ذلك بما يشاهدونه من آثارهم في رحلاتهم للتجارة في الشام والعراق واليمن، فقد خلت منهم منازلهم وسلبوا ما كانوا فيه من النعيم بعد كمال القوة وكثرة العدد والعدد، وكثرة المال والولد، وما أغنى ذلك عنهم شيئا ولا دفع عنهم من عذابه لما جاء أمره، لأنه لا يعجزه شىء إذا أراده.

ثم ذكر حلمه بعباده وأنه لو آخذهم بما اجترحوا من السيئات ما ترك على ظهر الأرض إنسانا يدبّ على وجهها، لكنه أخّر عقابهم إلى يوم القيامة فيحاسبهم ويوفى كل عامل جزاء عمله إن خيرا فخير، وإن شرا فشر، وهو البصير بحال عباده

[الإيضاح]

(أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً) أي أولم يسر هؤلاء المشركون بالله في الأرض التي أهلكنا فيها أهلها، بكفرهم بنا وتكذيبهم، رسلنا أثناء رحلاتهم التي يسلكونها إلى طريق الشام فى تجاراتهم، فينظروا كيف كانت عاقبتهم- ألم نهلكهم ونخرب مساكنهم ونجعلهم مثلا لمن بعدهم، فيتعظوا بهم ويزدجروا عما هم عليه من الشرك بعبادتهم الآلهة من الأوثان والأصنام؟

ثم بين أنهم إذا ساروا على تمردهم وعنادهم فهم لا يفلتون من عقابه فقال:

(وَما كانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ) أي ولن يعجز الله هؤلاء المشركون به المكذبون لرسوله، فيسبقوه هربا وينجوا من الهلاك إذا هو أراد ذلك بهم، لأنه لا يعجزه شىء يريده في السموات ولا في الأرض.

<<  <  ج: ص:  >  >>