للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنا لنقطع بأنه تعالى ما شاء ذلك.

وقصارى هذا- إن فائدة هذا الاستثناء بيان أنه تعالى قادر على أن ينسيه، وأن عدم النسيان فضل من الله وإحسان لا من قوّته.

ثم أكد هذا الوعد مع الاستثناء فقال:

(إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَما يَخْفى) أي إن الذي وعدك بأنه سيقرئك، وأنه سيجعلك حافظا لما تقرأ فلا تنساه- عالم بالجهر والسر، فلا يفوته شىء مما فى نفسك، وهو مالك قلبك وعقلك، وخافى سرك وجهرك، ففى مقدوره أن يحفظ عليك ما وهبك وإن كان من خفيات روحك، ولو شاء لسلبه ولن تستطيع دفعه، لأنه ليس فى قدرتك أن تخفى عنه شيئا.

ولما كان فى الوعد بالإقراء الوعد بتشريع الأحكام، وفيها ما يصعب على المخاطبين احتماله- أردف ذلك الوعد بما يزيده حلاوة فى النفوس فقال:

(وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرى) أي ونوفقك للشريعة السمحة التي يسهل على النفوس قبولها، ولا يصعب على العقول فهمها، ورحم الله البوصيرى حيث يقول:

لم يمتحنّا بما تعيا العقول به ... حرصا علينا فلم نرتب ولم نهم

وقد جعلت الآية الإنسان هو الميسّر للفعل، وليس الفعل هو الميسر للإنسان، من قبل أن الفعل لا يحصل إلا إذا وجدت العزيمة الصادقة، والإرادة النافذة لإيجاده، مع التوفيق لسلوك أقوم الطرق التي توصل إليه، كما

جاء فى الحديث: «اعملوا، فكل ميسّر لما خلق له» .

[سورة الأعلى (٨٧) : الآيات ٩ الى ١٣]

فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى (٩) سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشى (١٠) وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى (١١) الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرى (١٢) ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى (١٣)

<<  <  ج: ص:  >  >>