وفى سفر التكوين من التوراة أن يوسف عليه السلام عرّف نفسه إلى إخوته عقب مجيئهم ببنيامين شقيقه وأرسلهم لاستحضار أبويه وأهلهم، فجاءوا فأقطعهم أرض جاسان (إقليم الشرقية الآن) وأرسل إليهم العربات لتحملهم، وأحمال الغذاء والثياب على الحمير، فلما وصلوا إليها شد يوسف على مركبته وصعد ليلاقى إسرائيل أباه فى جاسان، فلما ظهر له ألقى بنفسه على عنقه وبكى طويلا، ثم استأذنهم ليذهب إلى فرعون ويخبره بمجيئهم ومكانهم ليقرّهم عليه، لأنهم رعاة وأرض جاسان خصبة ففعل، ثم أخذ وفدا منهم لمقابلة فرعون وأدخل أباه عليه فبارك فرعون.
ومن هذا يتبين أن هذا اللقاء كان هو الأول لهم، وبعد لقاء فرعون قال لهم ادخلوا مصر ثم عاد بهم إلى قصره الخاص.
(وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ) أي أصعد أبويه إلى السرير الذي كان يجلس عليه لتدبير أمر الملك تكرمة لهما فوق ما فعله بالإخوة.
(وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً) أي أهوى أبواه وإخوته وخروا له سجودا، وكان ذلك تحية الملوك والعظماء فى عهدهم، ومن ثم سجد يعقوب لأخيه عيسو حين تلاقيا بعد تفرق.
والسجود ليس عبادة بذاته، وإنما يكون كذلك بالنية والتزام الصفة الشرعية فيه.
(وَقالَ يا أَبَتِ هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ) أي هذا السجود منكما ومن إخوتى الأحد عشر هو المآل والعاقبة التي آلت إليها رؤياى التي رأيتها من قبل فى صغرى «إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ» .
(قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا) أي قد جعلها ربى حقيقة واقعة واستبان أنها لم تكن أضغاث أحلام، فالكواكب الأحد عشر مثال إخوتى الأحد عشر، وأنت وأمي مثال الشمس والقمر، ولا بدع فى ذلك فهذه الأسرة هى التي حفظ الله بها ذرية إسحاق بن إبراهيم لتنشر دين التوحيد بين العالمين فكانت خير أسر البشر جميعا.