صار كالقنطرة عليه أو كأى وضع آخر، فليس بالواجب علينا أن نعتقده إلا إذا ثبت بالنص القاطع.
روى أن موسى عليه السلام أمر بحمل حوت مملوح معه وقيل له: متى فقدت الحوت فهو ثمة، فأخذ حوتا وجعله فى مكتل (قفة) ثم انطلق ومعه فتاه حتى إذا أتيا الصخرة وكانت عند مجمع البحرين ناما واضطرب الحوت فى المكتل وخرج منه وسقط فى البحر.
روى البخاري ومسلم أن الله تعالى قال لموسى: خذ نونا (حوتا) ميتا فهو حيث ينفخ فيه الروح، فأخذ ذلك فجعله فى مكتل، وقال لفتاه: لا أكلفك إلا أن تخبرني بحيث يفارقك الحوت، قال: ما كلفت كثيرا، فبينما هما فى ظل صخرة إذ تسرّب الحوت حتى دخل البحر وموسى نائم فقال فتاه: لا أوقظه، حتى إذا استيقظ نسى أن يخبره.
وأخرج ابن جرير وابن أبى حاتم عن ابن عباس: جعل الحوت لا يمسّ شيئا من البحر إلا ييس حتى يكون صخرة.
وحدث محمد بن إسحاق عن الزهري عن ابن عباس عن أبىّ بن كعب قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم حين ذكر حديث ذلك:«ما انجاب ماء منذ كان الناس غير مسير الحوت الذي فيه، فانجاب كالكوّة حتى رجع إليه موسى فرأى مسلكه، فقال ذلك ما كنا نبغ» .
(فَلَمَّا جاوَزا قالَ لِفَتاهُ آتِنا غَداءَنا لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً) أي فلما جاوزا ذلك المكان المقصود من مجمع البحرين، وسارا بقية يومهما وليلتهما حتى إذا كان الغد وارتفع النهار أحس موسى بالجوع، حينئذ قال لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا تعبا ونصبا من ذلك السفر.
وقد كان من الحكمة فى حصول الجوع والتعب له حين جاوز المكان أن يطلب الغداء فيذكر الحوت فيرجع إلى حيث يجتمع بمن يريد.