(يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً) أي ليس للعذاب دافع فى ذلك اليوم الذي ترتجّ فيه السماء وهى فى أماكنها، وتتحققون أنه لا مانع من عذاب الله ولا مهرب منه.
(وَتَسِيرُ الْجِبالُ سَيْراً) أي وتزول الجبال من أماكنها، وتسير عن مواضعها كسير السحاب، وتطير فى الهواء ثم تقع على الأرض مفتتة كالرمل ثم تصير كالعهن (الصوف المندوف) ثم تطيرها الرياح فتكون هباء منثورا كما دل على ذلك ما جاء فى سورة النمل والحكمة فى مور السماء وسير الجبال- الإعلام والإنذار بأن لا رجوع ولا عودة إلى الدنيا لخرابها وعمارة الآخرة.
ثم بين من سيقع عليه العذاب حينئذ فقال:
(فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ. الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ) أي فإذا حدث ما ذكر من مور السماء وسير الجبال فهلاك يومئذ للمكذبين الذين يخوضون فى الباطل، ويندفعون لاهين، لا يذكرون حسابا، ولا يخافون عقابا.
(يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلى نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا) أي يوم يدفعون ويساقون إلى نار جهنم دفعا عنيفا.
فإذا دنوا منها قال لهم خزنتها تقريعا وتوبيخا:
(هذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ) أي هذه النار التي تشاهدونها هى التي كنتم بها تكذبون فى الدنيا، وتكذيبهم بها تكذيب للرسول الذي جاء بخبرها، وللوحى الناطق بها.
ثم تهكم بهم وأنّبهم فقال:
(أَفَسِحْرٌ هذا أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ؟) كان المشركون فى الدنيا ينسبون إلى محمد صلى الله عليه وسلّم أنه يسحر العقول ويغطى الأبصار، فأنبهم على ما قالوا مستهزئا بهم وقال لهم: هل ما ترونه بأعينكم مما كنتم تنبئون به فى الدنيا من العذاب- حق، أو سحرتم أيضا كما كان يفعل بكم محمد فى الدنيا، أو قد غطّيت أبصاركم فلا ترى شيئا؟