(أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلًا؟) أي أفحسبتم أنكم بخروجكم إلى البر أمنتم من انتقام الله وعذابه، فهو إن شاء خسف بكم جانب البر وغيّبه فى أعماق الأرض وأنتم عليها، وإن شاء أمطر عليكم حجارة من السماء تقتلكم كما فعل بقوم لوط، ثم لا تجدون من تكلون إليه أموركم، فيحفظكم من ذلك، أو يصرفه عنكم غيره، جل وعلا.
وخلاصة ذلك- إن لم يصبكم بالهلاك من تحتكم بالخسف أصابكم من فوقكم بريح يرسلها عليكم، فيها الحصباء يرجمكم بها، فيكون أشد عليكم من الغرق فى البحر.
(أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تارَةً أُخْرى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قاصِفاً مِنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُمْ بِما كَفَرْتُمْ ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنا بِهِ تَبِيعاً) أي أم أمنتم أيها المعرضون عنا بعد ما اعترفتم بتوحيدنا فى البحر حتى خرجتم إلى البر- أن يعيدكم فيه مرة أخرى فيرسل عليكم ريحا تقصف السواري، وتغرق المراكب بسبب كفركم وإعراضكم عن الله، ثم لا تجدوا لكم نصيرا يعينكم ويأخذ بثأركم.
قال قتادة: فى تفسيرها أي لا نخاف أحدا يتبعنا بشىء مما فعلنا. يريد: إنكم لا تجدون ثائرا يطلبنا بما فعلنا، انتصارا منا، أو دركا للثأر من جهتنا.
وفى معنى الآية قوله:«فَسَوَّاها وَلا يَخافُ عُقْباها» .
وفى الآية وعيد أيما وعيد فكأنه قيل: ننتقم منكم من غير أن يكون لكم نصير يدفع عنكم شديد بأسنا.
(وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلًا) أي ولقد كرمنا بنى آدم بحسن الصورة واعتدال القامة والعقل، فاهتدى إلى الصناعات ومعرفة اللغات، وحسن التفكير فى وسائل المعاش، والتسلط على ما فى الأرض، وتسخير ما فى العالم العلوي والسفلى، وحملناهم على الدواب والقطر والطائرات والمطاود (واحدها منطاد) والسفن، ورزقناهم من الأغذية النباتية والحيوانية، وفضلناهم على كثير من الخلق بالغلبة والشرف والكرامة، فعليهم