الآية، أو قتل نفسا بغير سبب فساد فى الأرض يسلب الأمن والطمأنينة وإهلاك الحرث والنسل كما تفعله عصابات اللصوص المسلحة المستعدة لقتل الأنفس ونهب الأموال أو إفساد الأمر على الدولة التي تقوم بتنفيذ حدود الله تعالى من يفعل شيئا من ذلك فكأنما قتل الناس جميعا، إذ الواحد يمثل النوع، فمن استحل دمه بغير وجه حق استحل دم كل واحد كذلك لأنه مثله، والمقصد من ذلك تعظيم أمر القتل العمد العدوان وتفخيم شأنه، أي فكما أن قتل كل الخلق مستعظم مستبشع لدى الناس كلهم فكذلك قتل الواحد مستفظع مستعظم، وكيف لا يكون مستعظما وقد قال تعالى:«وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً» .
(وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً) أي ومن كان سببا فى حياة نفس واحدة بإنقاذها من موت كانت مشرفة عليه فكأنما أحيا الناس جميعا، لأن الباعث له على الإنقاذ- وهو الشفقة والرحمة واحترام الحياة الإنسانية والوقوف عند حدود الشرائع- دليل على أنه إذا استطاع أن ينقذهم كلهم من الهلاك لا يدخر وسعا ولا ينى فى ذلك.
وفى الآية إرشاد إلى ما يجب من وحدة البشر وحرص كل منهم على حياة الجميع والابتعاد عن ضرر كل فرد، فانتهاك حرمة الفرد انتهاك لحرمة الجميع، والقيام بحق الفرد بمقدار ما قرر له فى الشرع قيام بحق الجميع، وتقدم أن قلنا إن القرآن كثيرا ما يشير إلى وحدة الأمة ووجوب تكافلها حتى إنه ليسند أعمال المتقدمين منها إلى المتأخرين ويشير إلى أن جناية الإنسان على غيره تعد جناية على البشر كلهم.
وقد وردت قصة ابني آدم فى الفصل الرابع من سفر التكوين، فقد جاء فيه:
إن قايين لما قدّم للرب من ثمرات الأرض وقدم هابيل قربانا من أبكار غنمه ونظر الرب إلى هابيل وقربانه دون أخيه اغتاظ قايين وقتل هابيل فسأله الرب عنه: أين هو فأجاب: لا أعلم، هل أنا حارس لأخى، فلعنه الرب وطرده عن وجه الأرض، فندم