والخلاصة- إن من ينضم إلى غيره معينا له فى فعل حسن يكن له منه نصيب، ومن ينضم إلى غيره معينا له فى فعل سيىء ينله منه سوء وشدة.
ويدخل فى الآية شفاعة الناس بعضهم لبعض، وهى قسمان: حسنة، وسيئة فالحسنة أن يشفع الشافع لإزالة ضرر ورفع مظلمة عن مظلوم أو جر منفعة إلى مستحق ليس فى جرها إليه ضرر ولا ضرار والسيئة أن يشفع فى إسقاط حد، أو هضم حق، أو إعطائه لغير مستحق، أو محاباة فى عمل بما يوصل إلى الخلل والزلل، ولأجل هذا قال العلماء: الشفاعة الحسنة ما كانت فيما استحسنه الشرع، والسيئة: فيما كرهه أو حرّمه.
وفى الآية من العبرة لنا أن نتذكر أن الحاكم العادل لا تنفع الشفاعة عنده إلا بإخباره بما لم يكن يعلم من مظلمة المشفوع له أو استحقاقه لما يطلب له، ولا يقبل الشفاعة لإرضاء الشافع فيما يخالف الحق والعدل ويخالف المصلحة العامة.
أما الحاكم الظالم فتروج عنده الشفاعات، لأنه يحابى أعوانه المقربين منه ليكونوا شركاء له فى استبداده ليثبتوا على خدمته وإخلاصهم له، والحكومات التي تروج فيها الشفاعات وتعتمد عليها الرعية فى كل ما تطلب تضيع فيها الحقوق، ويحل الظلم محل العدل، ويسرى من الدولة إلى الأمة، فيعم فيها الفساد ويختل نظام الأعمال.
(وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً) أي وكان الله مقتدرا على كل شىء فلا يعجزه أن يعطى الشافع نصيبا وكفلا من شفاعته على قدرها فى النفع والضر، ويجازى كلّا بما يستحق، لأن سننه قد قضت بأن يربط الجزاء بالعمل.
وبعد أن علّم سبحانه المؤمنين طريق الشفاعة الحسنة والسيئة وهى من أسباب التواصل بين الناس، علّمهم سنة التحية بينهم وبين إخوانهم ليؤدبهم بأدب دينه ويزكيهم ويطهر نفوسهم من الغل والحسد فقال:
(وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها) أي وإذا حياكم أحد بتحية فردوها بتحية مثلها، أو بتحية أحسن منها، فقولوا لمن قال: السلام عليكم- وعليكم السلام، أو وعليكم السلام ورحمة الله، وإذا قال هذا فى تحيته فالأحسن أن تقولوا:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وهكذا يزيد المجيب على المبتدئ كلمة أو أكثر.