وقد يكون حسن الجواب بمعناه أو كيفية أدائه وإن كان بمثل لفظ المبتدئ بالتحية أو مساويه فى الألفاظ أو أخصر منه، فمن قال لك: السلام عليكم بصوت خافت يشعر بقلة العناية، فقلت له: وعليكم السلام بصوت أرفع وبإقبال يشعر بالعناية وزيادة الإقبال والتكريم كنت قد حييته بتحية أحسن من تحيته فى صفتها، وإن كانت مثلها فى لفظها.
والخلاصة- إن الجواب عن التحية له مرتبتان: أدناهما ردها بعينها، وأعلاهما الجواب عنها بأحسن منها، والمجيب مخير بينهما،
وقد روى ابن جرير عن ابن عباس عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال «من سلم عليك من خلق الله فاردد عليه وإن كان مجوسيا فإن الله يقول (وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها)
ومن قال لخصمه السلام عليكم فقد أمنه على نفسه، وكانت العرب تقصد هذا المعنى والوفاء من شيمتها، وبعض المسلمين الآن يكره أن يحييهم غيرهم بلفظ السلام، كما يكرهون رد السلام على غير المسلم، وكأنهم غفلوا عن أن الآداب الإسلامية إذا ألفت عرفوا فضل الإسلام وجذبهم ذلك إليه.
والسنة أن يسلم القادم على من يقدم عليه، وإذا تلاقى الرجلان يبدأ الكبير فى السن أو القدر بالسلام،
وقد جاء فى الصحيحين أنه «يسلم الراكب على الماشي والماشي على القاعد والقليل على الكثير»
وروى «أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بصبيان فسلم عليهم»
وروى الترمذي «أنه مر بنسوة فأومأ بيده بالتسليم»
وقد ورد فى الصحيحين قوله صلى الله عليه وسلم «إن أفضل الإسلام وخيره إطعام الطعام وأن تقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف»
وروى الحاكم قوله صلى الله عليه وسلم «أفشوا السلام تسلموا»
: (إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً) أي إنه تعالى رقيب عليكم فى مراعاة هذه الصلة بينكم بالتحية ويحاسبكم على ذلك.
وفى هذا إشارة إلى تأكيد أمر هذه الصلة بين الناس، ووجوب رد التحية على من بسلم علينا ويحيينا.