(١)(وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلًا) أي إنهم حين يشاهدون العذاب الذي استوجبوه بكفرهم وعنادهم سيعلمون من الضال ومن المضل؟
وفى هذا رد لقولهم إن كاد ليضلنا عن آلهتنا، كما أن فيه وعيدا شديدا على التعامي والإعراض عن الاستدلال والنظر.
(ب)(أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا؟) أي انظر فى حال هذا الذي جعل هواه إلهه، بأن أطاعه وبنى عليه أمر دينه، وأعرض عن استماع الحجة الباهرة، والبرهان الجلى الواضح، واعجب ولا تأبه به، فإنك لن تكون حفيظا على مثل هذا تزجره عما هو عليه من الضلال وترشده إلى الصراط السوىّ.
وخلاصة ذلك- كأنه سبحانه يقول لرسوله: إن هذا الذي لا يرى معبودا له إلا هواه، لا تستطيع أن تدعوه إلى الهدى، وتمنعه من متابعة الهوى، إن عليك إلا البلاغ.
وفى هذا الأسلوب تعجيب لرسوله من سوء أحوالهم بعد أن حكى قبيح أقوالهم وأفعالهم، وتنبيه له إلى سوء عاقبتهم.
قال ابن عباس: كان الرجل فى الجاهلية يعبد الحجر الأبيض زمانا، فإذا رأى غيره أحسن منه عبد الثاني وترك الأول فأنزل الله الآية.
(ح)(أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا) أي بل أتظن أن أكثرهم يسمعون حق السماع ما تتلو عليهم من الآيات، أو يعقلون ما تتضمنه من المواعظ الداعية إلى الفضائل ومحاسن الأخلاق، حتى تجتهد فى دعوتهم، وتحتفل بإرشادهم وتذكيرهم، وتطمع فى إيمانهم فما حالهم إلا حال البهائم فى تركهم للتدبر فيما يشاهدون من البينات والحجج، بل هم أضل منها سبيلا،