التعلات وبسط ذلك كل البسط. وأطنب فيه أيّما إطناب. إلى نحو ذلك من مسائل تبصّر المرء فى دينه ودنياه. وتعرفه مبدأه ومنتهاه.
(هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ) أي هل ينتظرون إلا عاقبة ما وعدوا به على ألسنة الرسل من الثواب والعقاب، أي ليس أمامهم شىء ينتظرونه فى أمره إلا وقوع تأويله وهو وقوع ما أخبر به من أمر الغيب الذي يقع فى المستقبل فى الدنيا ثم فى الآخرة مما وعد به المؤمنين من نصر وثواب، والكافرين من خذلان وعقاب.
روى عن الربيع بن أنس أنه قال: لا يزال يقع من تأويله أمر حتى يتم تأويله يوم القيامة حين يدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار فيتم تأويله يومئذ.
(يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ) أي يأتى تأويله ونهايته يوم القيامة وتزول كل شبهة فيقول الذين نسوه من قبل أي تركوه وجعلوه كالشىء المنسى وأعرضوا عنه فلم يهتدوا به: قد جاءت رسل ربنا بالحق، أي قد تبين أنهم قد جاءوا بما هو متحقق ثابت، فتمارينا فيه وأعرضنا عنه حتى حق علينا الجزاء.
ثم ذكر حالهم فى ذلك اليوم وتلهفهم على النجاة فيتمنون إما شفاعة الشافعين أو رجوعهم إلى الدنيا ليصلحوا أعمالهم فقال:
(فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا، أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ؟) أي إنهم يتمنون الخلاص بكل وسيلة ممكنة، إما بشفاعة الشفعاء، وإما بالرجوع إلى الدنيا ليعملوا فيها غير ما كانوا يعملون فى حياتهم الأولى فيكونوا أهلا لمرضاة ربهم.
وإنما تمنّوا الشفعاء وتساءلوا عنهم، من حيث كان من أسس الشرك أن النجاة عند الله إنما تكون بوساطة الشفعاء، وعند ما يستبين لهم الحق الذي جاءت به الرسل وهو أن النجاة إنما تكون بالإيمان الصحيح والعمل الصالح يتمنون لو يردون إلى الدنيا ليعملوا بما أمرهم به الرسل.
(قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ) أي هم قد غبنوا أنفسهم