فهى تتناول من فعل فعلهم، فمن أخذ رشوة على تغيير حق وإبطاله، أو امتنع من تعليم ما وجب عليه، أو أداء ما علمه، وقد تعين عليه أداؤه حتى يأخذ عليه أجرا، فقد دخل في حكم الآية اهـ.
(وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ) تقدم أن قلنا إن في الصلاة إظهار الحاجة إلى المعبود، والافتقار إليه بالقول أو بالفعل أو بكليهما، وإقامتها هى التوجه إلى الله بقلب خاشع والإخلاص له في الدعاء، وهذا هو روح الصلاة الذي شرعت لأجله، أما الصورة فليست مقصودة لذاتها، ومن ثم اختلفت في الشرائع بحسب الأديان والأزمان، ولكن الروح لا تغيير فيه ولا تبديل باختلاف الأنبياء.
والخلاصة- إنه بعد أن دعا بنى إسرائيل إلى الإيمان أمرهم بصالح العمل على الوجه المقبول عند الله، فطلب إليهم إقامة الصلاة لتطهر نفوسهم كما طلب إليهم إيتاء الزكاة التي هى مظهر شكر الله على نعمه والصلة العظيمة بين الناس، لما فيها من بذل المال لمواساة عيال الله وهم الفقراء، ولما بين الناس من تكافل عام في هذه الحياة، فالغنى في حاجة إلى الفقير، والفقير في حاجة إلى الغنى كما
ورد في الحديث:«المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدّ بعضه بعضا» .
وبعدئذ أمرهم بالركوع مع الراكعين، أي أن يكونوا في جماعة المسلمين ويصلوا صلاتهم، وقد حثّ على صلاة الجماعة لما فيها من تظاهر النفوس عند مناجاة الله، وإيجاد الألفة بين المؤمنين، ولأنه عند اجتماعهم يتشاورون في دفع ما ينزل بهم من البأساء أو يجلب لهم السراء، ومن ثم
جاء في الخبر:«صلاة الجماعة تفضل على صلاة الفذّ بسبع وعشرين درجة» .
وعبر عن الصلاة بالركوع ليبعدهم عن الصلاة التي كانوا يصلونها قبلا، إذ لا ركوع فيها.