فى الدنيا ونيل الثواب فى الآخرة، وبألسنتكم بالحمد والتكبير والدعاء وعلى كل حال تكونون عليها من قيام فى المسابقة والمقارعة، وقعود للرمى أو المصارعة، واضطجاع من الجراح أو المخادعة، فذكر الله مما يقوّى القلوب ويعلى الهمم، ويجعل متاعب الدنيا حقيرة ومشاقها سهلة، والثبات والصبر يعقبهما الفلاح والنصر كما قال تعالى فى سورة الأنفال «إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ» .
والخلاصة: إننا أمرنا بالذكر على كل حال نكون عليها فى الحرب كما يدل على ذلك السياق، فأجدر بأن نؤمر به فى حال السلم، إلى أن المؤالنين فى جهاد مستمر وحروب دائمة، فهم تارة يجاهدون الأعداء، وأخرى يجاهدون الأهواء، ومن ثم أمرهم الله بالذكر فى كثير من الآي كقوله «الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ» لما فى ذلك من تربية النفس وصفاء الروح وتذكر جلال الله وعظمته، وأن كل شىء هيّن فى سبيله وابتغاء مرضاته.
وقد روى ابن جرير عن ابن عباس أنه قال: لا يفرض الله على عباده فريضة إلا جعل لها جزاء معلوما، ثم عذر أهلها فى حال العذر، غير الذكر فإن الله لم يجعل له حدا ينتهى إليه ولم يعذر أحدا فى تركه، إلا مغلوبا على عقله فقال: فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم: أي بالليل والنهار فى البر والبحر، وفى السفر والحضر، والغنى والفقر، والسقم والصحة، والسر والعلانية، وعلى كل حال اه.
(فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) الاطمئنان: السكون بعد اضطراب وانزعاج: أي فإذا سكنت قلوبكم من الخوف وأمنتم بعد أن تضع الحرب أوزارها فأدوا الصلاة بتعديل أركانها ومراعاة شرائطها ولا تقصروا من هيئتها كما أذن لكم حال الخوف.
ثم علل وجوب المحافظة على الصلاة حتى فى وقت الخوف ولو مع القصر منها فقال (إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً) يقال وقت العمل يقته ووقته توقيتا إذا جعل له وقتا يؤدّى فيه: أي إن الصلاة كانت فى حكم الله فرضا مؤكدا فى أوقات