للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(لَعَنَهُ اللَّهُ) أي أبعده الله عن رحمته وفضله، فإنه داعية الشر والباطل فى نفس الإنسان بما يوسوس فى صدره ويعده ويمنّيه.

(وَقالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبادِكَ نَصِيباً مَفْرُوضاً) النصيب المفروض هو ما للشيطان فى نفس كل أحد من الاستعداد للشر، إذ ما من إنسان إلا يشعر من نفسه بوسوسة الشيطان، فإن لم يكن بالشرك فبالمعصية والإصرار عليها أو الرياء فى العبادة، لكن الله أخبر أنه ليس له سلطان على عباده المخلصين، وقد جاء فى القرآن والحديث ما يدل على هذا.

والخلاصة- إن الشيطان خلق متمردا على الحق، بعيدا من الخير، مغرى بإغواء البشر وإضلالهم.

(وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ) إضلال الشيطان لمن يضلهم هو صرفهم عن العقائد الصحيحة، وشغلهم عن الدلائل الموصلة إلى الحق والهدى، وتمنيته لهم: تزيينه لهم الاستعجال باللذات الحاضرة والتسويف بالتوبة والعمل الصالح.

والخلاصة- إن من شأن الشيطان ومقتضى طبعه إضلال العباد وشغلهم بالأمانى الباطلة، كرحمة الله للمجرمين بغير توبة، والخروج من النار بعد دخولها بالشفاعة، وتزيين لذّات الحياة العاجلة على ثواب الآجلة ونعيمها.

(وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذانَ الْأَنْعامِ) أي ولآمرنهم بالضلال فليقطّعنّ آذان الأنعام بموجب أمرى، والمراد به ما كانوا يفعلونه من قطع آذان بعض الأنعام لأصنامهم كالبحائر التي كانوا يقطعون آذانها أو يشقونها شقا واسعا ويتركون الحمل عليها، وهذا من سخيف أعمالهم الوثنية الدالة على ضعف عقولهم.

(وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ) تغيير خلق الله وسوء التصرف فيه شامل للتغيير الحسى كالخصاء، وروى ذلك عن ابن عباس وأنس بن مالك، وللتغيير المعنوي. وروى أيضا عن ابن عباس وغيره، وعلى هذا فالمراد بخلق الله دينه، لأنه دين الفطرة وهى

<<  <  ج: ص:  >  >>