ويدخل فى وعد الشيطان وتمنيته ما يكون من أوليائه من الإنس، وهم قرناء السوء الذين يزينون للناس الضلال والمعاصي ويمدونهم فى الطغيان وينشرون مذاهبهم الفاسدة وآراءهم الضالة التي يبتغون بها الرفعة والجاه والمال، وهؤلاء يوجدون فى كل زمان ومكان.
(وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلَّا غُرُوراً) أي وما يعدهم الشيطان إلا باطلا يغترون به ولا يملكون منه ما يحبون، فيزين لهم النفع فى بعض الأشياء وهى مشتملة على كثير من الآلام والمضارّ فالزانى أو المقامر أو شارب الخمر يخيل إليه أنه يتمتع باللذات بينما هو فى الحقيقة يتمتع بلذائذ وقتية تعقبها آلام دنيوية طويلة المدى، وخيمة العواقب، إلى عذاب أخروى لا يعلم كنهه إلا من أحاط يكل شىء علما.
وبعد أن بين حال أولياء الشيطان وما يعدهم به الشيطان- ذكر عاقبتهم فقال:
(أُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَلا يَجِدُونَ عَنْها مَحِيصاً) أي أولئك الذين يعبث بهم الشيطان بوسوسته، أو بإغواء دعاة الباطل من أوليائه، مأواهم جهنم لا يجدون عنها مهربا يفرّون إليه، إذ هم بطبيعتهم ينجذبون إليها ويتهافتون عليها تهافت الفراش على النار، فتصلى وجوههم وجنوبهم وظهورهم.
ثم بعدئذ ذكر عاقبة من لا يستجيب دعوة الشيطان ولا يصيخ لأمره ونهيه فقال:
(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً) أي إنهم سيتمتعون بالنعيم المقيم فى جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا، وذلك هو الفوز العظيم لمن سمت نفسه عن دنس الشرك، فلم تجعل لله أندادا ولم تحط بها الخطيئة فى صباحها ومسائها فى غدوّها ورواحها.
ثم ذكر أن ما وعدهم به هو الوعد الحق الذي لا شك فيه فقال:
(وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا، وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا؟) أي ذلك الذي وعدكم الله به هو الوعد الحق، فهو القادر على أن يعطى ما وعد بفضله وجوده، وواسع كرمه ورحمته، وأما وعد الشيطان فهو غرور من القول وزور، إذ هو عاجز عن الوفاء فهو يدلى إلى