(وَأَخْذِهِمُ الرِّبَوا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ) أي وبسبب أخذهم الربا وقد نهوا عنه على ألسنة أنبيائهم، والتوراة التي بين أيديهم إنما تصرح بتحريم أخذهم الربا من شعبهم ومن إخوتهم دون الأجانب، فقد جاء فى سفر الخروج (إن أقرضت فضة لشعبى الفقير الذي عندك فلا تكن له كالمرابى، لا تضعوا عليه ربا) وفى سفر تثنية الاشتراع (لا تقرض أخاك بربا، ربا فضة أو ربا شىء ما مما يقرض بربا، للأجنبى تقرض بربا، ولكن لأخيك لا تقرض بربا) وهذه عبارة التوراة التي كتبت بعد السبي، وثبت تحريفها بالشواهد الكثيرة، أما النسخة التي كتبها موسى فقد فقدت باتفاق اليهود والنصارى.
وبعض أنبيائهم قد نهوا عن الربا إطلاقا فلم يقيدوه بشعب إسرائيل كقول داود فى المزمور الخامس عشر: فضته لا يعطيها بالربا، ولا يأخذ الرشوة من البريء، وقول سليمان فى سفر الأمثال (المكثر ماله بالربا والمرابحة، فلن يرحم الفقراء بجمعه)(وَأَكْلِهِمْ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ) أي بالرشوة والخيانة ونحوهما مما أخذ فيه المال بلا مقابل يعتدّ به.
الكسب الحرام فقد كانوا يأخذون أثمان الكتب التي يكتبونها بأيديهم ثم يقولون هى من عند الله.
وبعد أن ذكر وجوه الذنوب التي اقترفوها، والجرائم التي ارتكبوها، بين جزاءهم عليها فى الآخرة فقال:
(وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً) أي وأعددنا للذين كفروا منهم برسل الله عذابا مؤلما فى نار جهنم خالدين فيها أبدا.
وبعد أن بين فى هذا السياق سوء حال اليهود وكفرهم وعصيانهم وأطلق القول فى ذلك، وكان هذا مما يوهم أنه شامل لكل أفرادهم، جاء الاستدراك عقبه ببيان حال خيارهم الذين لم يذهب عمى التقليد بنور عقولهم فقال: