الآب والابن وروح القدس، أو الله ثلاثة أقانيم كل منها عين الآخر، وكل منها إله كامل، ومجموعها إله واحد.
فإن فى هذا تركا للتوحيد الذي هو ملة إبراهيم وسائر الأنبياء، واتباعا لعقيدة الوثنيين، والجمع بين التثليث والتوحيد تناقض تحيله العقول، ولا يقبله أولو الألباب.
(انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ) أي انتهوا عنه وقولوا قولا آخر خيرا لكم منه، وهو قول جميع النبيين والمرسلين الذين جاءوا بتوحيد الله وتنزيهه، فإن المسيح الذي سميتموه إلها يقول كما فى إنجيل يوحنا (وهذه هى الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك، ويسوع المسيح الذي أرسلته) .
(إِنَّمَا اللَّهُ إِلهٌ واحِدٌ) بالذات منزه عن التعدد، فليس له أجزاء ولا أقانيم، ولا هو مركب ولا متحد بشىء من المخلوقات.
(سُبْحانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ) أي تقدس عن أن يكون له ولد كما قلتم فى المسيح إنه ابنه، أو إنه هو عينه، فإنه تبارك وتعالى ليس له مماثل فيكون له منه زوج يتزوجها فتلد له ولدا.
والتعبير بالولد دون الابن الذي يعبرون به فى كلامهم، لبيان أنهم إذا كانوا يريدون الابن الحقيقي الذي يفهم من هذا اللفظ فلا بد أن يكون ولدا أي مولودا من تلقيح أبيه لأمه، وهذا محال على الله تعالى، وإن أرادوا الابن المجازى لا الحقيقي فلا خصوصية لعيسى فى ذلك، لأنه قد أطلق فى كتب العهد العتيق والعهد الجديد على إسرائيل وداود وغيرهما من الأخيار.
(لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) أي إنه ليس له ولد يصح أن يسمى ابنا له حقيقة، بل له كل ما فى السموات وما فى الأرض خلقا وملكا، والمسيح من جملتها كما قال تعالى:«إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً» .
ولا فرق فى هذا بين الملائكة والنبيين، ولا بين من خلقه ابتداء من غير أب