(الخامس المنخنقة) وقد روى ابن جرير فى تفسيرها أقوالا فعن السدى أنها التي تدخل رأسها بين شعبتين من شجرة فتختنق فتموت، وعن ابن عباس والضحاك هى التي تختنق فتموت، وفى رواية عن الضحاك هى الشاة توثق فيقتلها خناقها، ثم قال:
وأولى هذه الأقوال بالصواب قول من قال: هى التي تختنق إما فى وثاقها أو بإدخال رأسها فى الموضع الذي لا تقدر على التخلص منه فتختنق حتى تموت.
وهى بهذا المعنى من قبيل ما مات حتف أنفه من حيث إنه لم يمت بتذكية الإنسان له لأجل أكله فهى داخلة فى الميتة، وإنما خصها بالذكر لأن بعض العرب فى الجاهلية كانوا يأكلونها، ولئلا يشتبه فيها بعض الناس لأن لموتها سببا معروفا.
والعبرة فى الشرع بالتذكية التي تكون بقصد الإنسان لأجل الأكل حتى يكون واثقا من صحة البهيمة التي يريد التغذي بها.
(السادس الموقوذة) الوقذ: شدة الضرب، وشاة وقيذ وموقوذة، والموقوذة هى التي تقتل بعصا أو بحجارة لاحدّ لها فتموت بلا ذكاة، وكانوا يأكلونها فى الجاهلية.
والوقذ يحرم فى الإسلام، لأنه تعذيب للحيوان،
قال صلى الله عليه وسلم:«إن الله كتب الإحسان على كل شىء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذّبحة، وليحدّ أحدكم شفرته وليرح ذبيحته» رواه أحمد ومسلم وأصحاب السنن.
ولما كان الوقذ محرما حرم ما قتل به، وهى تدخل فى عموم الميتة على الوجه الذي ذكرنا، فإنها لم تذكّ تذكية شرعية، ويدخل فى الموقوذة ما رمى بالبندق (وهو نحو كرة من الطين تجفف ويرمى بها بعد يبسها) لما
روى «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الخذف (الرمي بالحصا والخزف وكل يابس غير محدد سواء رمى باليد أو المخذفة أو المقلاع) وقال. إنه لا يفقأ العين ولا ينكى العدوّ ولا يحرز صيدا»
ففى هذا الحديث نص على العلة وهو أنه تعذيب للحيوان وليس سببا مطردا ولا غالبا للقتل.
أما بندق الرّصاص المستعمل الآن وما فى حكمه فإنه يصيد وينكأ، ولذا أفتى العلماء بجواز الصيد به.