وأعجب من ذلك جعل بعض الدجالين الاستقسام من قبيل الاستخارة وجعل بعضهم له من قبيل القرعة المشروعة، وكل ذلك ضلال، إذ لا بينة فيه ولا سلطان.
والاستخارة التي وردت بها السنة هى التوجه إلى الله والالتجاء إليه بالصلاة والدعاء بأن يزيل عن المستخير الحيرة ويرشده إلى ما فيه الفائدة فيما تتعارض فيه الدلائل والبينات، فلا يستبين له إن كان الخير فى الإقدام أو فى الترك، فإذا شرح الله صدره لشىء أمضاه.
وقد روى أحمد والشيخان وأصحاب السنن من حديث جابر بن عبد الله قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلّمنا الاستخارة كما يعلمنا سورة من القرآن يقول:
«إذا همّ أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل: اللهم إنى أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لى فى دينى ومعاشى وعاجل أمرى وآجله فاقدره لى ويسره لى ثم بارك لى فبه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لى فى دينى ومعاشى وعاجل أمرى وآجله فاصرفه عنى واصرفني عنه واقدر لى الخير حيث كان ثم أرضنى به» قال ويسمى حاجته.
والقرعة تشبه هذا بل أمرها أظهر، فإنها إنما تكون للترجيح بين المتساويين قطعا كالقسمة بين اثنين، إذ لا وجه لإلزام من تقسم بينهما بأن يأخذ زيد منهما هذه الحصة وعمرو الأخرى، فتكون القرعة طريقة حسنة عادلة.
(ذلِكُمْ فِسْقٌ) أي كل محرم مما سلف فسق وخروج من طاعة الله ورغبة عن شرعه إلى معصيته.
(الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ) اليوم هو يوم عرفة من حجة الوداع من السنة العاشرة للهجرة وكان يوم جمعة، وهو اليوم الذي نزلت فيه هذه الآية المبينة لما يقر من الأحكام التي أبطل بها الإسلام بقايا مهانة الجاهلية وخبائثها