سواء فى ذلك حادثة المحاربي وأمثالها، لأن حفظه لأولئك السلف هو حفظه لذلك الدين القويم، فالنبى صلى الله عليه وسلم قد بلغ الرسالة وأدى الأمانة، وأصحابه هم الذين تلقوها عنه وأدّوها لمن بعدهم قولا وعملا.
ومن فوائد هذا التذكير للمتأخر ترغيبه فى التأسى بالسلف فى القيام بما جاء به الدين من الحق والعدل والبر.
ومعنى قوله: إذ همّ قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم، أي شارفوا أن يمدوا أيديهم إليكم بصنوف البلاء من قتل ونهب فكفّ الله تعالى بلطفه ورحمته أيديهم عنكم فلم يستطيعوا تنفيذ ما همّوا به.
(وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) أي واتقوا الله الذي أراكم قدرته على أعدائكم وقت ضعفكم وقوتهم، وتوكلوا عليه وحده فقد أراكم عنايته بمن يكلون أمورهم إليه بعد مراعاة سننه والسير عليها في اتقاء كل ما يخشى ضره وتسوء عاقبته، لا على أوليائكم وحلفائكم، لأن الأولياء قد تنقطع بهم الأسباب ويجيبون داعى اليأس إذا اشتد البأس، والحلفاء قد يغدرون كما غدر بنو النضير وغيرهم، ولكن المؤمن المتوكل على الله إذا همّ أن ييأس تذكر أن الله وليه وهو الذي بيده ملكوت كل شىء، وهو الذي يجير ولا يجار عليه، فتتجدد قوته ويفرّ منه اليأس فينصره الله ويخذل أعداءه كما حدث لأولئك الكملة المتوكلين مع سيد المرسلين أيام ضعفهم وقلتهم وفقرهم وتألب الناس كلهم عليهم.