بأنفسكم وأنقصتم مالها من الأجر والثواب عند ربكم لو أنكم أقمتم على عهدى واتبعتم شريعتى، وقد فصّلت هذه القصة في سورتي الأعراف وطه.
(فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) أي فاعزموا على التوبة إلى من خلقكم وميّز بعضكم من بعض بصور وهيئات مختلفة، وفي قوله إلى بارئكم إيماء إلى أنهم بلغوا غاية الجهل، إذ تركوا عبادة البارئ وعبدوا أغبى الحيوان وهو البقر، وليقتل البريء منكم المجرم، وإنما جعلهم أنفسهم للإشارة إلى أن المؤمنين إخوة، فأخو الرجل كأنه نفسه كما قال تعالى:(وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ) أي لا تغتابوا إخوانكم من المسلمين.
وقصة القتل مذكورة في التوراة التي يتدارسونها إلى اليوم، ففيها دعا موسى:
من للرّبّ فإلىّ، فأجابه بنو لاوى، فأمرهم أن يأخذوا السيوف ويقتل بعضهم بعضا ففعلوا، فقتل في ذلك اليوم نحو ثلاثة آلاف رجل، والعبرة من القصة لا تتوقف على عدد معين فلنمسك عنه ما دام القرآن لم يتعرض له.
(ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ) أي ما ذكر من التوبة والقتل أنفع لكم عند الله من العصيان والإصرار على الذنوب لما فيه من العذاب، إذ أن القتل يطهركم من الرجس الذي دنّستم به أنفسكم ويجعلكم أهلا للثواب.
(فَتابَ عَلَيْكُمْ) أي ففعلتم ما أمركم به موسى فقبل توبتكم وتجاوز عن سيئاتكم.
(إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) أي إنه هو الذي يكثر توفيق المذنبين للتوبة ويقبلها منهم، وهو الرّحيم بمن ينيب إليه ويرجع، ولولا ذلك لعجل بإهلاككم على ما اجترحتم من عظيم الآثام.
(وَإِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً) أي واذكروا قول السبعين من أسلافكم الذين اختارهم موسى حين ذهبوا معه إلى الطور، للاعتذار عن عبادة